وقعت هيئة التخطيط والإحصاء في سوريا مذكرة تفاهم مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لتنفيذ برنامج المسوحات العنقودية متعددة المؤشرات (MICS) للأعوام 2025-2026.
ممثلة منظمة “يونيسف” في سوريا، ميريتشل ريلانو آرنا، أوضحت أن هذا المسح يأتي في وقت “بالغ الأهمية”، حيث تشهد سوريا تغيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة. وأضافت أن دوره لن يقتصر على توفير الأدلة اللازمة لرصد التقدم المحرز لتحسين أوضاع الأطفال والنساء نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بل سيلعب دورًا في تقييم التقدم ضمن رؤية سوريا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
كما أشارت إلى أن المسح العنقودي المتعدد المؤشرات لا يتعلق فقط بالبيانات، بل ببناء النظم والقدرات الوطنية، حيث سيوفر للهيئة والوزارات المعنية الأدوات والتكنولوجيا والمعرفة اللازمة لفهم واقع الأطفال على نحو أفضل واتخاذ إجراءات لتحسين حياتهم.
من جانبه، صرح رئيس هيئة التخطيط والإحصاء في سوريا، أنس رضوان سليم، بأن هذه الخطوة “مهمة” وأساسية لتوجيه القرارات التنموية، وتصميم البرامج، وتعزيز المناصرة العامة بشأن القضايا التي تخص الأطفال والنساء، وذلك لدورها في جمع وتحليل وإعداد ونشر الإحصاءات الرسمية في سوريا.
ستتولى هيئة التخطيط والإحصاء تنفيذ برنامج المسوحات العنقودية متعددة المؤشرات (MICS) بالشراكة مع الوزارات المعنية ومنظمة “يونيسف”. وسيغطي المسح العنقودي المتعدد المؤشرات السابع (MICS7) نصف مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المعتمدة على المسوح الأسرية، مما يجعله مصدرًا هامًا لصانعي السياسات والباحثين والمهتمين لضمان شمول جميع الأطفال.
يُذكر أن برنامج المسوحات العنقودية متعدد المؤشرات، الذي انطلق في منتصف التسعينيات، يعتبر أداة معيارية لجمع البيانات من الأسر، وأصبح واحدًا من أكبر مصادر المعلومات الإحصائية على مستوى العالم حول أوضاع الأطفال والنساء. كما يعتبر أداة رئيسة لمتابعة أهداف التنمية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة (SDGs)، حيث يوفر بيانات ممثلة وطنيًا وقابلة للمقارنة دوليًا حول الأطفال وبيئتهم المعيشية.
وكان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قد أصدر المرسوم رقم “18” لعام 2025، القاضي بتحويل اسم الهيئة العامة للتخطيط والتعاون الدولي إلى هيئة التخطيط والإحصاء. وتضمن المرسوم تعديل مهام الهيئة واختصاصاتها، وإعادة تنظيم هيكلتها بما يتوافق مع التعليمات التنفيذية للمرسوم. كما تم دمج المكتب المركزي للإحصاء مع هيئة التخطيط، وتعيين أنس رضوان سليم رئيسًا للهيئة وفق المرسوم رقم “27” لعام 2025.
بوصلة لعملية التنمية
أوضح رئيس هيئة التخطيط والإحصاء، أنس رضوان سليم، أن الشكل الحالي للهيئة هو استجابة للتوجه الحكومي نحو بناء مؤسسات “رشيقة ومرنة من منظور تكاملي” يخدم تحقيق التنمية وتقديم الخدمات بسهولة وسلاسة. وأضاف أن ما يميز عمل الهيئة في الفترة الحالية هو التكامل بين منتج البيانات “الإحصاء” ومستخدمها الأهم “التخطيط”، مؤكدًا أن الخطط الناجحة هي التي تستند إلى بيانات ومؤشرات موثوقة لدعم عملية التنمية الشاملة والمستدامة.
كما أشار إلى أن الهيئة ستشكل “بوصلة لعملية التنمية” لتحديد اتجاهاتها الكلية والقطاعية على المستويات الجغرافية كافة، مما يتطلب تنشيط منظومة التخطيط الوطنية لتقديم الدعم الفني الكامل في إعداد الخطط التنموية وربطها مع أدوات التنفيذ، وتسهيل عملية المتابعة وتقييم التنفيذ ومدى مساهمة تلك الخطط في تحقيق الأهداف التنموية.
أولويات المرحلة الحالية
تركز أولويات هيئة التخطيط والإحصاء في المرحلة الحالية على عدة مستويات، بحسب ما قاله رئيسها، أنس رضوان سليم:
المستوى الإداري والتنظيمي: يتم العمل على بناء منظومة وطنية للتخطيط والإحصاء، تستند إلى هيكلية واضحة ومرنة للعلاقات والترابطات، وتوضح أدوار أجزاء هذه المنظومة، وتوزيع المهام بينها من منظور تكاملي يوضح مدخلات ومخرجات كل جزء، بالإضافة إلى توفير متطلبات عمل هذه المنظومة من موارد بشرية ومقار للعمل وتجهيزات ومستلزمات أخرى. كما يتم العمل على وضع خطة تدريب وتأهيل للموارد البشرية العاملة في منظومة الإحصاء والتخطيط، لتمكينها من استخدام أفضل الأدوات والتقنيات والمنهجيات في إنتاج البيانات والعمل الإحصائي، واستخدام برمجيات ومنهجيات التخطيط الحديثة.
المستوى الفني: تم وضع خطة لعمل الهيئة تسند إلى رؤية واضحة لتموضع التخطيط والإحصاء في عملية التنمية، وتقوم هذه الخطة على إنتاج البيانات والمؤشرات التي يحتاج إليها المستخدمون على مختلف مستوياتهم (الوزارات والجهات العامة، القطاع الخاص، الأكاديميون وطلاب الجامعات، مراكز الأبحاث…). كما تضمنت هذه الخطة العمل على إعداد رؤية تنموية لسوريا تكون منطلقًا لإعداد برامج وخطط تنمية قطاعية وكلية متوسطة وقصيرة الأمد، وإعداد خطط تنمية محلية للمحافظات تسهم في الاستثمار الأمثل لإمكانيات كل محافظة وفق ميزاتها التنموية، ومساعدتها في ردم فجوة التفاوت التنموي بينها، من خلال إجراء عدد من الدراسات والتقارير للبحث بمشكلات التنمية في سوريا ومسبباتها وقياسها.