السبت, 13 سبتمبر 2025 06:19 PM

دراسة تكشف: الرياضة سلاح فعال لوقف نمو سرطان الثدي ومنع عودته

دراسة تكشف: الرياضة سلاح فعال لوقف نمو سرطان الثدي ومنع عودته

كشفت دراسة علمية حديثة أن فوائد ممارسة التمارين الرياضية لا تقتصر على الوقاية من السرطان فحسب، بل يمكن أن تساهم في مكافحته على المستوى الخلوي.

أظهرت النتائج أن العضلات تفرز أثناء التمارين مواد قادرة على كبح نمو خلايا سرطان الثدي، ما يفتح الباب أمام مقاربة جديدة في العلاج.

بينت الدراسة، التي نُشرت الشهر الماضي وشملت 32 ناجية من سرطان الثدي، أن جلسة واحدة من التدريب المتقطع أو رفع الأوزان رفعت مستويات جزيئات محددة في الدم، ساعدت على إبطاء نمو خلايا سرطانية في المختبر.

وقال روبرت نيوتن، نائب مدير معهد أبحاث طب التمارين في جامعة إديث كوان بأوستراليا: "تُظهر نتائجنا أن الرياضة تُحدث تأثيراً مباشراً في بيولوجيا السرطان، من خلال إشارات جزيئية قوية تكبح نمو الأورام".

تُضاف هذه النتائج إلى تراكم الأدلة التي تثبت أن التمارين لا تحدّ من خطر الإصابة بالسرطان فحسب، بل تساعد الناجين أيضاً على تجنب عودة المرض. فقد أشارت أبحاث سابقة إلى أن الرياضة تقلل من احتمالات الانتكاس. وقدّمت الدراسة الأخيرة تفسيراً لذلك، إذ أظهرت أن التمارين تغيّر آلية عمل العضلات والخلايا.

وتوضح جيسيكا سكوت، مديرة برنامج الرياضة والأورام في مركز "ميموريال سلون كيترينغ" بنيويورك: "نعلم من الدراسات أن الناجيات من سرطان الثدي اللواتي يمارسن نشاطاً بدنياً أكبر، يسجلن معدلات أقل لعودة المرض وفرص بقاء أطول".

ينسحب هذا التأثير أيضاً على أنواع أخرى من السرطان. ففي دراسة بارزة نُشرت في حزيران الماضي في مجلة "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن"، شارك ناجون من سرطان القولون في برنامج رياضي منظم تضمن المشي السريع وتمارين عالية الشدة. أما المجموعة الثانية فلم تمارس الرياضة.

وبعد ثلاث سنوات، تبيّن أن المشاركين في التمارين كانوا أقل عرضة بنسبة 37% لعودة المرض مقارنة بغيرهم، وهي نسبة أفضل من تلك التي تحققها العديد من الأدوية الوقائية.

يُرجع العلماء هذا التأثير إلى إفراز العضلات لهرمونات ومواد كيميائية تُعرف بـ"مايوكاينات" تدخل مجرى الدم، ويُعتقد أنها تحارب السرطان. فقد أظهرت دراسات سابقة أن دم الأشخاص بعد ممارسة الرياضة قادر على إضعاف الخلايا السرطانية أو قتلها.

لكن ندرة الدراسات التي شملت ناجين من السرطان جعلت الأمر غير محسوم. ويقول نيوتن: "ناجيات سرطان الثدي يختلفن فيزيولوجياً عن الأشخاص الأصحاء بسبب المرض وعلاجاته مثل الكيميائي والإشعاعي، لذلك كان ضرورياً التأكد من الفوائد الفعلية للرياضة لديهنّ".

في التجربة الجديدة، خضعت مجموعة من النساء لتدريب متقطع عالي الشدة مدته 45 دقيقة، فيما مارست المجموعة الأخرى تمارين رفع الأوزان بالمدة نفسها.

جرى سحب عينات دم قبل التمارين، مباشرة بعدها وبعد 30 دقيقة. وعند إضافة البلازما إلى خلايا سرطان ثدي مزروعة في المختبر، ظهر أن البلازما بعد التمارين أوقفت نمو الخلايا السرطانية وتسببت بموت عدد كبير منها، فيما لم يكن للدم قبل التمارين أي تأثير.

جاءت النتائج الأبرز بعد التدريب المتقطع، إذ ارتفعت مستويات بروتين "IL-6" المعروف بدوره في المناعة والالتهابات. وكلما زادت نسبته، تباطأ نمو الخلايا السرطانية أو توقّف كلياً.

تشير النتائج إلى أن التمارين الكثيفة قد تكون الأكثر فعالية في مواجهة السرطان. ويقول نيوتن: "الدراسات السابقة أثبتت أن كلما ارتفعت شدة التمرين، زاد إفراز المايوكاينات".

ورغم أن رفع الأوزان كان أقل تأثيراً من التدريب المتقطع، إلا أنه يبقى أساسياً. فزيادة الكتلة العضلية تعني إنتاج مزيد من المايوكاينات. ويضيف نيوتن: "الناجون من السرطان الذين يزيدون من حجم عضلاتهم عبر تمارين المقاومة، يحققون أيضاً ارتفاعاً أكبر في هذه البروتينات".

رغم صعوبة المرض وعلاجاته، إلا أن المتطوعات في الدراسة تحمّلن التمارين بشكل جيد. وتؤكد سكوت من "ميموريال سلون كيترينغ" أن "البرامج الرياضية المصممة خصيصاً للناجين، والتي تشمل تدريبات متقطعة عالية الشدة، آمنة وفعالة".

يؤكد نيوتن أن الرسالة الأساسية من الدراسة هي أن "الرياضة لم تعد مجرد إضافة للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، بل يجري الاعتراف بها بشكل متزايد كخيار علاجي أولي في مواجهة السرطان".

مشاركة المقال: