السبت, 13 سبتمبر 2025 01:56 AM

دير الزور: تسليم شقق سكنية مؤهلة في حي الرصافة ضمن جهود إعادة الإعمار

دير الزور: تسليم شقق سكنية مؤهلة في حي الرصافة ضمن جهود إعادة الإعمار

في إطار الجهود المبذولة لإعادة الإعمار في دير الزور، باشر مجلس المدينة بالتعاون مع منظمة “ADRA” الدولية للإغاثة والتنمية، بتسليم 120 شقة سكنية مؤهلة لأصحابها في أربعة أحياء متضررة، وعلى رأسها حي الرصافة. تهدف هذه الخطوة إلى استعادة الكرامة السكنية وتشجيع العائدين على العودة الطوعية إلى منازلهم بعد سنوات من النزوح والدمار.

أكد مجلس محافظة دير الزور أن هذه العملية لم تقتصر على توزيع المفاتيح، بل جاءت نتيجة لعملية تقييم إنساني دقيقة استمرت عدة أشهر، بمشاركة لجان مشتركة بين البلدية والمنظمة. وقد عملت هذه اللجان على تحديد الأسر الأكثر ضعفاً التي عانت من الحرب والتهجير. تم التركيز على الأحياء الأربعة: الرصافة، العمال، العرفي، والشيخ ياسين، حيث تم توزيع الشقق بشكل متوازن بواقع 30 شقة لكل حي، بهدف إعادة الوجه الحضاري لتلك الأحياء التي كانت مراكز سكنية نابضة بالحياة.

أوضح جاسم الكاظم، من المكتب الإعلامي لمجلس مدينة دير الزور، أن الأولوية القصوى كانت للمقيمين الأصليين والمهجرين الذين فقدوا منازلهم. ومع ذلك، كان الشرط الأساسي هو عودة صاحب المنزل بنفسه، وأن يكون البناء قادراً على الدعم الإنشائي، أي غير مهدَّم أو معرّض للانهيار. إضافة إلى ذلك، تم اشتراط إثبات الملكية لضمان عدم التلاعب أو الاستيلاء على العقارات، ومنح العائدين الثقة بأن الدولة تحترم حقهم في أرضهم وبيتهم.

لم تقتصر أعمال التأهيل على الإصلاحات البسيطة، بل شملت تدخلاً فنياً متكاملاً يبدأ من الهيكل الإنشائي وينتهي بالتفاصيل الصغيرة التي تصنع الفرق في الحياة اليومية. فقد أُعيد ترميم الجدران والسقوف، وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي، وتركيب أبواب وشبابيك جديدة، وعزل كامل للمنافذ لمنع التسريبات، وتزويد كل شقة بدورتي مياه وكهرباء آمنة، مع تركيب مصابيح LED وبياضات صحية مقاومة للرطوبة. تم تجهيز كل شقة بغرفتين على الأقل، أو غرفة واحدة وصالون، بما يتوافق مع الحد الأدنى من معايير السكن الكريم.

أكد الكاظم أن جميع الشقق خضعت لتقييم فني مستقل من قبل لجان محايدة تتكون من مهندسين مدنيين ومراقبي سلامة من منظمات دولية، لضمان ألا يُسلم أي مفتاح إلا بعد أن يثبت الخبير أن البيت آمن للطفل، والمسن، والمرأة التي تعيل أسرتها وحدها. وتُعد هذه الشفافية نادرة في سياق عمليات إعادة الإعمار في سوريا.

من بين المعايير الإنسانية التي حددت المستفيدين، وجود أكثر من أسرة في منزل واحد، أو كون المرأة هي المعيل الوحيد بعد فقدان الزوج، أو وجود إعاقات أو أمراض مزمنة لدى أحد أفراد الأسرة. هذه الخطوة ليست نهاية الطريق، بل بداية مرحلة أوسع. فبعد تسليم الشقق الـ120، هناك 40 شقة أخرى تم تقييمها فنياً في الأحياء نفسها، وستُسلم خلال الأسابيع المقبلة، بينما تواصل منظمة ADRA عمليات التقييم والاستهداف في مناطق أخرى.

أشار الكاظم إلى أن حي الحميدية شمله المشروع أيضاً، فيما تتقاسم باقي الأحياء دورها مع منظمات أخرى مثل “RESSCATA” و”GOBA” و”MDIER”، بحيث لا تبقى منطقة دون نصيب من التأهيل. يسعى مجلس المدينة حالياً إلى إنشاء “مركز موحد لإعادة الإعمار” يجمع كافة الجهود تحت مظلة واحدة، لتجنب التكرار، وضمان الشفافية، ووضع خريطة زمنية واضحة للمواطنين حول موعد تأهيل منازلهم.

أصبح حي الرصافة اليوم رمزاً لصمود الإنسان، ودليلاً على أن السلام يُبنى بالأساسيات البسيطة. لكن التحديات لا تزال قائمة، مثل نقص المواد الإنشائية، وضعف شبكة الكهرباء العامة، وغياب فرص العمل. ولهذا، تنظر الجهات المعنية إلى تأهيل المهندسين المحليين وتدريب الشباب على صيانة المنازل كخطوة استراتيجية.

مشاركة المقال: