في خطوة تعتبر بارزة نحو تعزيز الانتعاش الاقتصادي والاستثماري في سوريا، احتضنت دمشق اليوم مراسم توقيع اتفاقية استثمارية بين هيئة الاستثمار السورية ومجموعة الحبتور الإماراتية.
أكد وزير المالية، خلال حفل التوقيع، على أهمية هذه الخطوة معرباً عن ترحيبه وشكره للمستثمر خلف الحبتور لحضوره إلى سوريا. وأضاف: "إن ما لمسناه منه تجاه الشعب السوري من محبة وتقدير وحرص على دعم سوريا يفوق الكثير من رجال الأعمال الآخرين، وزيارته اليوم تجسيد لهذه المشاعر."
كما أكد وزير المالية محمد يسر برنية التزام الحكومة بتوفير البيئة المناسبة والشروط اللازمة لتشجيع الاستثمارات في سوريا، مخاطباً الحبتور بالقول: "نتوقع أن يكون حجم الاستثمارات في سوريا أكبر من دبي."
وفي رده على سؤال لجريدة "الوطن" حول الإعفاءات الضريبية التي يقدمها القانون الجديد لتشجيع الاستثمار، أوضح وزير المالية أن "مشروع النظام الضريبي الجديد يتضمن العديد من الإعفاءات، وقد صُمم خصيصاً لتشجيع الاستثمار ودعم القطاع الخاص بهدف تحقيق التنمية. فالهدف ليس فقط تحصيل الضرائب، بل خدمة الاقتصاد. ونأمل أن يكون له أثر إيجابي، خاصة وأنه أُعد بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع."
من جانبه، أعرب وزير السياحة مازن صالحاني عن شكره للمستثمر خلف الحبتور، كونه أول رجل أعمال إماراتي يستثمر في سوريا، مؤكداً أن "التاريخ سيسجل هذا الحضور وإقدامك على الاستثمار في سوريا."
وأكد الوزير أن سوريا ستدعم مشاريع الحبتور وستعمل على تذليل أي عقبات قد تواجهه، مضيفاً: "سنكون داعمين لك في كل المشاريع، وسنبني سوريا معاً يداً بيد ومع جميع المستثمرين الراغبين في الاستثمار في بلدنا الحبيب."
كما أشار صالحاني إلى أن هذه الاستثمارات ستعود بالنفع المباشر على الشعب السوري، قائلاً: "هدفنا الأول هو توفير فرص العمل ورفع مستوى معيشة المواطن السوري من خلال إشراك المجتمعات المحلية في جميع المشاريع التي نقوم بها، وبناء مجتمع متكامل وبيئة استثمارية جاذبة."
وفي تصريح خاص لـ"الوطن"، أوضح وزير السياحة أن "معظم المشاريع ذات أهداف تنموية وسياحية، مع التركيز على الجانب التنموي أولاً. فالمستثمر يولي الجانب الإنساني والتنموي أهمية كبيرة، والمشاريع السياحية تأتي لاحقاً، بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل وإنشاء منتجعات تليق بسياح سوريا."
من جهته، صرح مدير هيئة الاستثمار بأن "اليوم نشهد توقيع أول اتفاقية بين وزارة السياحة ومجموعة الحبتور، وهي تتعلق بأرض في مدينة اللاذقية تمتد على مساحة 12 كيلومترًا على الساحل، وستُستخدم لإنشاء مجمع سكني ترفيهي ضخم. ومجموعة الحبتور عودتنا دائماً على الإبداع في التصميم والأفكار، وهذا المشروع سيكون معلماً بارزاً نفتخر به في سوريا."
وأضاف: "ستكون مدة الدراسة قصيرة جداً، كما وعدنا المستثمر، وسيبدأ العمل مباشرة بعد إتمام عملية التعاقد قريباً."
وفي رده على سؤال لـ"الوطن" حول التسهيلات التي تقدمها الهيئة لتشجيع الاستثمار، قال مدير هيئة الاستثمار: "دور هيئة الاستثمار هو تسهيل جميع الإجراءات للمستثمر منذ دخوله البلاد وحتى توقيع العقود والتنفيذ على أرض الواقع. وتأتي أهمية الهيئة من قانون الاستثمار الذي يركز على الشفافية وإتاحة الفرصة للمستثمر لإخراج أمواله بحرية كاملة مع الأرباح ورأس المال، بالإضافة إلى استقطاب العمالة الأجنبية بنسبة 40 بالمئة."
كما أكد على أهمية وجود نافذة واحدة لهيئة الاستثمار بالتعاون مع جميع الوزارات والهيئات السورية لتنفيذ طلبات الاستثمار بشكل كامل في مكان واحد.
وفي تصريح لـ"الوطن"، قال المستثمر خلف الحبتور: "لدينا النية في مجموعة الحبتور، وأعتقد أن لدى كل إنسان في الخليج العربي النية للمجيء إلى سوريا للاستثمار ومساعدة أهلهم وإخوانهم في سوريا. هذا طبيعي في دم الخليجي أن يرغب في الوقوف مع إخوانه ووضع يده بيدهم، فالموضوع ليس تجارة فقط، بل هو تعاون."
وخلال الفعالية، قال الحبتور: "جئنا لنتعاون ونفكر معاً لمستقبل هذا البلد وهذا الشعب العظيم، وأن نضع يدنا بيد إخواننا ونفكر كيف نطلق هذا المشروع بأسرع وقت، ونعمل معاً لخلق فرص عمل لإخواننا وأهلنا وشبابنا وشاباتنا، وأن نستثمر الخبرة الطويلة لديكم."
وأضاف: "سوريا أرض خصبة بأفكار أهلها وتفاؤلهم، وهذا شيء يبشر بالخير."
واختتم الحبتور كلمته بالقول: "قابلت رئيس الجمهورية وقابلت الوزراء، ووجدت البساطة والترحيب والكرم الذي تعودت عليه في بلادي وحكامنا وأهلنا، وهذا الشيء بداية خير سيفتح الأبواب لجميع الناس لزيارة هذا البلد والاستثمار فيه."
من جهته، قال رجل الأعمال السوري موفق قداح في تصريح لـ"الوطن": "في هذه المرحلة الحرجة، يتحول دور رجل الأعمال السوري من مجرد مستثمر إلى شريك أساسي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ويجب أن تترجم ثقتنا باقتصاد الوطن إلى استثمارات حقيقية، لا سيما في القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية والتي تحقق عائدًا مضاعفًا على الناتج المحلي الإجمالي."
وتابع قائلاً: "استثمارنا اليوم هو استثمار في رأس المال البشري السوري، وهو أعظم أصولنا، وذلك عبر مشاريع توظف الكفاءات المحلية وتخلق فرص عمل مستدامة، تسهم مباشرة في رفع الدخل الفردي وتحفيز حركة الدوران الاقتصادي، إضافة إلى خلق شراكات استراتيجية مع مستثمرين دوليين، كمجموعة الحبتور، يضمن نقل المعرفة وإقامة الاستثمارات في سوريا."
وعن الرسالة التي يوجهها لرجال الأعمال، قال قداح: "سوريا تمثل فرصة استثمارية فريدة بمعدل عائد مرتفع على المدى الطويل، وأن القطاع الخاص الوطني هو حجر الزاوية في خطة التعافي القائمة على اقتصاد السوق."
الوطن – محمد راكان مصطفى