تتوالى التطورات في الساحة اللبنانية عقب قرار حكومة الرئيس نواف سلام في جلستي 5 و7 آب/أغسطس بحصر السلاح بيد الدولة، والذي تزامن مع بدء تسليم السلاح الفلسطيني للجيش اللبناني في المخيمات.
الأحد الماضي، زار وفد أميركي بيروت، برفقة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الأميرال براد كوبر، حيث عُقد في الناقورة اجتماع لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. وتأتي الزيارة بعد "ترحيب" الحكومة اللبنانية بخطة الجيش اللبناني لحصر السلاح، والتي شهدت انسحاب وزراء "الثنائي الشيعي" دون مناقشتها.
أمام هذه المعطيات، وتصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رد لاحق على عدم تسليم "حزب الله" لسلاحه، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "الجيش الإسرائيلي يعتقد أن حزب الله ما زال يحتفظ بعشرات الصواريخ الدقيقة وآلاف الصواريخ التقليدية وكمية كبيرة من الطائرات المسيرة، وبعضها من صنع ذاتي، رغم أن خط التزويد بالأسلحة انقطع مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. وهذه الأسلحة كافية لتهديد أمن إسرائيل".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري كبير قوله إن "الحزب يسعى بكل قوته لإعادة بناء قوته العسكرية، خصوصاً في الجنوب والبقاع، والجيش الإسرائيلي يلاحقه ويسعى لمنع نشاطاته عبر عمليات القصف والاغتيالات الدقيقة".
وأضاف: "الجيش اللبناني يحاول، ولكن محاولاته منقوصة؛ أولاً لأن الحزب مصمم على استعادة قوته، ومثابر على ذلك. وثانياً لأن السلطة اللبنانية تسير بحذر وخوف. وثالثاً لأن الجيش لم يتخلص بعد من عناصر نفوذ لحزب الله في صفوفه".
وتعليقاً على قرار الحكومة اللبنانية الأخير بشأن خطة الجيش، أشارت جهات سياسية إسرائيلية إلى أن القرارات "ضبابية وسرية ولا تتضمن جدولاً زمنياً"، معتبرة أن "حزب الله فرح بهذه القرارات لأنها تنطوي على حلول وسط مع مطالبه".
ورأت هذه الجهات الإسرائيلية أن "الحكومة اللبنانية تجنبت الصدام مع الحزب وتهربت عملياً من إيجاد حل جذري يتلاءم مع احتياجات الاستقرار في المنطقة".
ووفق مصدر آخر للصحيفة الإسرائيلية، فإن "إسرائيل تطالب الإدارة الأميركية بأن تدعم خططها لتحطيم حزب الله عسكرياً".
وكشف المصدر عن أن "واشنطن تطالب إسرائيل بتخفيف عملياتها العسكرية، التي تضعف الحكومة اللبنانية ومساعيها لإعادة البناء. لكن إسرائيل ترد بالقول إنه لا يمكن تقوية السلطة اللبنانية وجيشها من دون إضعاف حزب الله".
في السياق، رأت الباحثة الرفيعة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب البروفسورة أورنا مزراحي أن "ضعف حزب الله الحالي يولد فرصاً لإسرائيل. ومع ذلك، فإن الإنجازات العسكرية، حتى الآن، لم تؤد إلى واقع أمني مستقر، ولا يوجد ضمان بأن يجري الحفاظ عليها على المدى البعيد".
واعتبرت أن "حزب الله لم يُهزم بعد، وما زال يشكل تهديداً لإسرائيل، في ضوء تمسكه بآيديولوجية المقاومة وبقدرات عسكرية، حتى لو كانت أكثر محدودية، واستثماره جهوداً واسعة، بدعم مستمر من إيران، في إعادة بناء منظوماته ومكانته في لبنان".
وختمت بالقول: "بالتوازي، لا تزال الدولة اللبنانية ضعيفة وتجد صعوبة في الإفلات من قبضة التنظيم، التي تهدد سيادتها واستقرارها. ومع ذلك، يمكن للتطورات في الساحة اللبنانية أن تسمح بدفع المصالح الأمنية والسياسية لإسرائيل مقابل لبنان، من خلال صياغة استراتيجية تأخذ في الحسبان ضعف التنظيم الحالي من جهة، والقيود التي تؤثر على القيادة اللبنانية من جهة أخرى".