الإثنين, 8 سبتمبر 2025 05:56 PM

رواية "قصر المطر": ذاكرة شعبية تواجه الاحتلال الفرنسي في سوريا

رواية "قصر المطر": ذاكرة شعبية تواجه الاحتلال الفرنسي في سوريا

تعتبر رواية "قصر المطر" للكاتب السوري ممدوح عزام، من أهم الأعمال الروائية التي تتناول فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا في بداية القرن العشرين، وبالتحديد المرحلة التي شهدت اندلاع الثورة السورية الكبرى عام 1925 في جبل العرب. ارتكز عزام في روايته على استحضار التاريخ المحلي للسويداء وجبل العرب، وجعله محورًا أساسيًا في السرد، لكنه قدمه من خلال تفاصيل الحياة اليومية للناس العاديين الذين واجهوا الاحتلال الفرنسي وتداعياته بأساليب بسيطة، بعيدًا عن البطولة التقليدية.

الرواية، التي صدرت عام 1998 عن دار "أطلس للنشر والتوزيع"، تسلط الضوء على حضور الفلاحين والنساء والشباب كأبطال غير مرئيين، وتكشف عن دورهم في تشكيل الذاكرة الجماعية وإعادة بناء الانتماء الوطني بعيدًا عن خطاب النخب السياسية والعسكرية. تقوم سردية الأحداث في الرواية على شخصية تستعيد الذاكرة من جسد رجل مقتول، لتكشف من خلالها تاريخ عائلة الفضل التي تعرضت للتهجير نتيجة صراع داخلي وضغوط خارجية فرضها الاحتلال.

تقدم الرواية للقارئ صورة معقدة، حيث أن المستعمر ليس وحده المسؤول عن القهر الذي عاناه الناس، بل تكشف النصوص عن أدوار للانقسامات العشائرية والصراعات الطبقية التي زادت من ضعف المجتمع المحلي. يوضح الكاتب ممدوح عزام، من خلال قصة آل الفضل ونزوحهم من أراضيهم، كيف تضافرت العوامل الداخلية والخارجية لدفع الأهالي إلى الخراب، وكيف تحولت القرى والخرائب نفسها إلى فضاء للمقاومة الشعبية، عندما شكل الفلاحون العمود الفقري في مواجهة الفرنسيين.

في خلفية هذه الحكاية، يناقش الكاتب في روايته فكرة ما إذا كان مجتمع مثقل بالانقسامات الداخلية قادرًا على قيادة ثورة وطنية ضد الاحتلال. وتتحدث فصول الرواية عن صراع بين عائلتين متنازعتين، ويوضح عزام أن الاحتلال وجد في هذه الانقسامات فرصة للتوسع، لكن الرواية تلمح أيضًا إلى أن روح المقاومة ظلت قادرة على إنتاج أشكال من التضامن في أحلك الظروف. اعتمد الكاتب عزام على لغة غنية بالصور والرموز، لكنها لم تبعد الرواية عن جانبها التوثيقي، حيث أن المكان في النص ليس مجرد خلفية، بل تحول إلى شخصية حاضرة.

من هو الكاتب؟

ولد ممدوح عزام في السويداء عام 1950، وعمل مدرسًا قبل أن يتفرغ للكتابة. بدأ مشواره بمجموعة قصصية بعنوان "نحو الماء" عام 1985، ثم أصدر روايته الأولى "معراج الموت" عام 1987 التي تحولت لاحقًا إلى فيلم بعنوان "اللجاة". ونشر لاحقًا أعمالًا بارزة بينها "جهات الجنوب" عام 2000 و"أرض الكلام" عام 2005 و"نساء الخيال" عام 2011.

مشاركة المقال: