الإثنين, 8 سبتمبر 2025 12:17 AM

ارتفاع أسعار الفروج يفاجئ سكان تل أبيض ورأس العين رغم توقعات الانخفاض الصيفي

ارتفاع أسعار الفروج يفاجئ سكان تل أبيض ورأس العين رغم توقعات الانخفاض الصيفي

عنب بلدي – رأس العين: خلافًا للتوقعات المعتادة، شهدت أسواق مدينتي تل أبيض ورأس العين شمالي سوريا ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الفروج خلال فصل الصيف، مما أثقل كاهل السكان في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. ففي هذا الوقت من العام، تنخفض الأسعار عادةً بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة كميات الفروج الواردة إلى المنطقة خوفًا من نفوقها في تركيا. إلا أن سعر الكيلوغرام الواحد وصل إلى 35 ألف ليرة سورية (حوالي 3.2 دولار)، بعد أن كان 25 ألف ليرة (أقل من ثلاثة دولارات) قبل شهر.

ووفقًا لموقع "الليرة اليوم" المتخصص بأسعار العملات النقدية، يعادل الدولار الأمريكي الواحد نحو 10900 ليرة سورية، بينما يبلغ مقابل الليرة التركية 41 ليرة. وتعتبر الليرة السورية العملة الأكثر تداولًا في منطقة "نبع السلام" التي تضم مدينتي رأس العين وتل أبيض، إلى جانب الدولار والليرة التركية، نظرًا لوقوع المنطقة تحت النفوذ التركي.

غلاء في موسم الانخفاض

اشتكى مصطفى مراد، وهو أب لأربعة أطفال من تل أبيض، من ارتفاع أسعار الفروج، معبرًا عن صدمته لعدم انخفاض الأسعار في الصيف كما اعتاد. وأشار إلى أن هذا الارتفاع يفاقم الأعباء على الأسر، مؤكدًا أن غياب الرقابة على الأسواق والتلاعب بالأسعار يزيد من معاناة الأهالي ويجعل تأمين أبسط احتياجاتهم الغذائية تحديًا يوميًا.

من جهتها، لم تعد ملاك سلمو (44 عامًا)، من قرية لوذي شرقي رأس العين، قادرة على شراء الفروج لأطفالها. وأوضحت لعنب بلدي أن سعر الفروج أصبح مقاربًا للحوم الحمراء، إذ انخفض سعر اللحوم الحمراء إلى نحو 55 ألف ليرة (حوالي 5.4 دولار)، ولم يعد الفرق بينهما كبيرًا كما كان في السابق. وأشارت إلى أنها بدأت بشراء نصف كيلو من لحم الخروف لتأمين وجبات الأطفال بدل الفروج، بهدف تخفيف الأعباء المالية على الأسرة، مطالبة بمحاسبة التجار وضبط الأسواق لحماية القدرة الشرائية للمستهلكين.

وقد أدى ارتفاع أسعار الفروج إلى تغيير العادات الغذائية للعائلات، حيث قلّت وجبات الدجاج واستُبدلت بها الخضراوات والحبوب الأقل تكلفة. ويُعدّ سعر الفروج مرتفعًا مقارنة بأجور العمال اليومية، التي انخفضت مع تراجع سعر الدولار إلى ما بين 50 ألفًا و60 ألف ليرة سورية (بين 4.5 و5.5 دولار تقريبًا)، وسط قلة فرص العمل واعتماد الأهالي على قطاعي الزراعة وتربية الماشية لتأمين احتياجاتهم.

احتكار التجار للسوق

يشكو أصحاب محال الفروج في تل أبيض من احتكار التجار للسوق، إذ يجبرهم هذا الاحتكار على شراء الفروج بأسعار مرتفعة، ويمنع أي منافسة حقيقية، بينما يضطر المستهلكون لدفع مبالغ أكبر لتأمين وجباتهم اليومية.

وقال سمير الحموي، صاحب محل لبيع الفروج في تل أبيض، لعنب بلدي، إن ارتفاع الأسعار سببه سيطرة مجموعة من التجار الذين يجلبون الفروج من تركيا، ويتفقون فيما بينهم على تحديد الأسعار، ما يمنع وجود أي منافسة حقيقية في السوق. وأوضح أن التجار يتلاعبون بالأسعار لفرض سيطرتهم، ما يخلق حالة من عدم الاستقرار ويجبر المستهلكين على دفع مبالغ أكبر مقابل الفروج، إذ إنهم مضطرون للتعامل معهم لأنهم المصدر الوحيد للفروج. وأضاف أن الفروج الذي يصلهم غالبًا يكون "ضعيف الصحة" وغير مطابق للمواصفات المطلوبة، ما يزيد من معاناة الأهالي في تأمين وجباتهم اليومية، خصوصًا للأطفال. وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف، إلى جانب غياب المداجن المحلية التي تكفي لتغطية احتياجات السوق، يفاقمان أزمة الفروج، ويجعلان التحكم بالأسعار بالكامل في يد مجموعة محدودة من التجار.

الحصار عامل آخر

من جانبه، أوضح مدير الرقابة والتموين في المجلس المحلي برأس العين، إبراهيم خزيم، لعنب بلدي أن ارتفاع أسعار الفروج مرتبط بعدة عوامل، أبرزها عدم قدرة المنطقة على استيراد الفروج من الداخل السوري بسبب حصار "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المنطقة، ونقص المداجن المحلية، واعتماد السوق على الفروج المستورد من تركيا. وأضاف أن المديرية تنفذ جولات دورية على الأسواق لمراقبة الأسعار وضمان التزام التجار بالتسعير العادل، لكنها تواجه صعوبات بسبب تقلبات أسعار الصرف.

وبيّن أن ضعف المنافسة في السوق يسمح للتجار بفرض الأسعار بشكل غير عادل، ما يزيد الأعباء على المستهلكين ويجعل الوضع أكثر هشاشة. وأشار إلى أن المجلس المحلي يسعى لإدخال تجار جدد إلى السوق لخلق منافسة حقيقية، بما يسهم في ضبط الأسعار وتحسين توفر الفروج للمستهلكين ضمن الإمكانيات المتاحة.

تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع "قسد"، إذ يعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو تركيا.

مشاركة المقال: