السبت, 6 سبتمبر 2025 02:55 PM

أمريكا تحمي إسرائيل من المساءلة الدولية رغم تفاقم جريمة التجويع في غزة

أمريكا تحمي إسرائيل من المساءلة الدولية رغم تفاقم جريمة التجويع في غزة

يواجه قطاع غزة المحاصر عدوانًا وحشيًا منذ تشرين الأول 2023، حيث يتبع العدو الإسرائيلي سياسة التجويع كتكتيك حربي، وهو ما يعتبر، بحسب القانون الدولي، جريمة إبادة جماعية وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. يستدعي هذا الوضع تحركًا من «محكمة العدل الدولية» و«المحكمة الجنائية الدولية»، بدعم من مجلس الأمن الدولي، لوقف هذه الجريمة المستمرة منذ عامين ومعاقبة المسؤولين عنها.

إلا أن الولايات المتحدة ترى أن إسرائيل فوق القانون الدولي، حيث أعلن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية أن أي شخص يلاحق إسرائيليين في المحاكم الدولية أو يسعى إلى ذلك سيتعرض للعقوبات. وقد منعت وزارة الخارجية الأميركية وفد السلطة الفلسطينية المؤلف من 80 شخصًا من حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لطلبهم من «الجنائية الدولية» مقاضاة إسرائيل. كما فرضت واشنطن عقوبات على ثلاث منظمات حقوق إنسان فلسطينية للسبب نفسه، وهي: «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، «مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة»، و«مؤسسة الحق في رام الله»، وفقًا لوزارة الخزانة.

وكانت السلطة الفلسطينية والمنظمات الثلاث قد طلبت من «الجنائية الدولية» التحقيق في الغارات الجوية الإسرائيلية على المناطق المدنية المكتظة بالسكان في غزة، وحصار القطاع وتشريد السكان وتجويعهم. وبعد عام، أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

يحظر القانون الدولي استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب بموجب المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، ويعرّفه بأنه جريمة حرب بموجب المادة 8(2)(ب)(xxv) من نظام روما الأساسي لـ«الجنائية الدولية». كما أن تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي للبنية التحتية الزراعية، ومنع المساعدات الإنسانية، وحرمان المدنيين من الموارد الأساسية، كل ذلك غير قانوني.

على الرغم من أن الجرائم ضد الإنسانية لا تتضمن نصًا صريحًا يتعلق بالتجويع وفقًا لـ«نظام روما الأساسي»، إلا أن التجويع يلبي متطلبات الجرائم ضد الإنسانية، ومن ضمنها «الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تسبب عمدًا معاناة شديدة، أو أذىً خطيرًا يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية». ولا يشترط القانون الدولي وجود نية متعمدة للتسبب في التجويع، بل مجرد «العلم باحتمالية حدوث إصابات ذات الصلة». وإذا ارتُكب التجويع بقصد التدمير الكامل أو الجزئي لمجموعة من البشر، كما هو حاصل في غزة، فيمكن عده جريمة إبادة جماعية.

وفي شكوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في «محكمة العدل الدولية»، اتهم فريق المحامين الجنوب أفريقيين إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب لتحقيق أهدافها في تفريغ غزة من سكانها من خلال القتل الجماعي والتهجير القسري للفلسطينيين.

منذ نيسان 2024، يعاني أكثر من مليون شخص في غزة من انعدام الأمن الغذائي، بحسب الأمم المتحدة. وقد صُنّفت محافظة شمال غزة ومدينة غزة ضمن المرحلة الخامسة من «التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)»، حيث يواجه ما يقرب من 70% من السكان ظروف المرحلة الخامسة، أي «المرحلة الكارثية». كما تُصنّف المحافظات الجنوبية، بما في ذلك دير البلح وخان يونس ورفح، على أنها من المرحلة الرابعة، أي «مرحلة الطوارئ».

سجّلت الأمم المتحدة 10,000 حالة سوء تغذية حاد لدى الأطفال منذ كانون الثاني 2025، بما فيها 1600 حالة تهدد الحياة وتتطلب رعاية فورية. ويُقدّر أن أكثر من 1000 إنسان، بمن فيهم مئات الأطفال والعجزة والمرضى، ماتوا من الجوع ومن سوء التغذية حتى اليوم في غزة. ودعت «المفوّضية السامية لحقوق الإنسان» إسرائيل إلى إعادة فوراً وصول المنظمات الإنسانية المحايدة، بما في ذلك وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إلى غزة دون عوائق.

وفي بيان سابق، دان الخبراء الأمميون قانونين إسرائيليين يحظران تعاون إسرائيل مع «الأونروا»، التي طالما لعبت دوراً حيوياً في تنسيق الإغاثة الإنسانية للأمم المتحدة في فلسطين. وقد أعاقت هذه القوانين الجديدة عمل 17 ألف موظف من «الأونروا» وحرية تنقلهم، وعطلت تمويل الوكالة وحركة بضائعها ومركباتها، وتدخلت في منشآتها.

وجاء ذلك على الرغم من أن الجمعية العامة ومجلس الأمن أعلنا أن «الأونروا» هي العمود الفقري الذي لا غنى عنه للإغاثة الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة لـ2.3 مليون من سكان غزة، بما فيها الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، فضلاً عن توفير التعليم والمساعدة الاجتماعية وتخفيف حدة الفقر والمياه والصرف الصحي.

مشاركة المقال: