السبت, 6 سبتمبر 2025 07:59 AM

تحركات في الكونغرس لإلغاء قانون قيصر: هل تنجح جهود الجالية السورية؟

تحركات في الكونغرس لإلغاء قانون قيصر: هل تنجح جهود الجالية السورية؟

شهد الكونغرس الأمريكي نشاطاً ملحوظاً من فريق التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار (SAAPP)، الذي كثف جهوده لإلغاء "قانون قيصر" والعقوبات المفروضة على سوريا. قام الفريق يوم الأربعاء بتحركات واسعة شملت لقاءات رفيعة المستوى مع أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ، مما يشير إلى إمكانية تحويل هذه المساعي إلى مسار تشريعي ملموس.

لقاءات مؤثرة داخل الكونغرس

أعلن التحالف أن فريقه حصل على موافقة مبدئية من أربعة أعضاء في مجلس النواب لدعم مشروع قانون قدمه عضو الكونغرس جو ويلسون بالتعاون مع مارلين ستاتزمان لإلغاء "قانون قيصر". كما اجتمع الوفد مع السيناتور راند بول، الذي سبق أن قدم مشروعاً مماثلاً في مجلس الشيوخ لرفع العقوبات عن سوريا، في خطوة داعمة للجالية السورية. وشمل البرنامج لقاءً مع عضو الكونغرس إيب حمادة، الذي زار سوريا مؤخراً واطلع على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، عقد الوفد جلسة مطولة مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، النائب برايان ماست، لتوضيح الآثار السلبية للعقوبات على المجتمع السوري.

بالتوازي، شارك أعضاء من التحالف ومنظمة المجلس السوري–الأميركي "ساك" في يوم مناصرة داخل الكونغرس، حيث نوقشت أبعاد الملف السوري مع مشرعين أميركيين من مختلف التوجهات.

خطوة مفصلية في مسار المناصرة

قال الدكتور أنس العمر، عضو التحالف السوري–الأميركي للسلام والازدهار، إن زيارة وفد الجالية السورية للكونغرس تمثل خطوة مفصلية في مسار المناصرة السياسية، حيث تم الحصول على موافقة مبدئية من أعضاء بارزين في مجلسي النواب والشيوخ لدعم إلغاء "قانون قيصر". وأضاف أن هذه الاستجابة تعكس أن صوت الجالية السورية بات مسموعاً وقادراً على التأثير في مراكز القرار في واشنطن، وأن الأهمية تكمن في كسر الحاجز الأولي وفتح الباب أمام نقاش جاد حول أثر العقوبات على الشعب السوري.

وختم قائلاً: "نتوقع المزيد من اللقاءات مع أعضاء الكونغرس ومكاتبهم لتوسيع دائرة الدعم، بالتوازي مع العمل على رفع الوعي لدى الرأي العام الأميركي بأثر العقوبات. المسار لن يكون سهلاً، لكن الحصول على موافقات مبدئية من نواب مؤثرين يشير إلى بداية تحول قد يقود نحو قرار تشريعي يُنهي هذه العقوبات".

لا مبرر لاستمرار القانون

أكد الكاتب والباحث السياسي عبد الله زيزان أنه رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع العقوبات عن سورية إلا أن هناك بعض القوانين التي لابد لها من أن تُلغى بشكل كامل، وعلى رأسها قانون قيصر. وأشار إلى أن هناك محاولات من العديد من النواب الأميركيين وبعض الجهات المسؤولة أن ترفع هذا القانون لأن مبررات وجوده لم تعد متوفرة، فالمجرم الذي من أجله تم سن هذا القانون قد رحل، وبالتالي لا يوجد هناك أي مبرر لبقائه. وتابع: "أعتقد أن الإدارة الأميركية برئاسة ترامب لها كل المصلحة في إنهاء هذا القانون، ولها كل المصلحة في استقرار سوريا. لذلك أعتقد أن هذا الحراك سيؤتي أكله وسينتهي هذا القانون ربما خلال فترة قصيرة قبل نهاية هذا العام، وجهود الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية لها دور كبير في هذا المجال بالإضافة إلى أصدقاء الشعب السوري من الدول والمؤسسات والأفراد".

عقوبات مثيرة للجدل

يمثل "قانون قيصر"، الذي أُقر عام 2019، أحد أبرز أدوات الضغط الأميركية على سوريا، إذ استهدف شخصيات ومؤسسات مرتبطة بالنظام السابق، لكن تداعياته امتدت إلى الاقتصاد السوري، ما انعكس على معيشة المواطنين. استمرار هذه العقوبات يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية، ويمنع تدفق الاستثمارات والمساعدات لإعادة الإعمار.

بوادر تحول في الموقف الأميركي؟

رغم أن مسار إلغاء "قانون قيصر" ما يزال معقداً، إلا أن التحركات الأخيرة للجالية السورية في الولايات المتحدة، مدعومة بجهود شخصيات سياسية داخل الكونغرس، تُظهر إرادة حقيقية لمراجعة هذا الملف. الحصول على موافقات مبدئية من أعضاء في مجلس النواب، ووجود مشروع موازٍ في مجلس الشيوخ، واتساع النقاش حول أثر العقوبات، يعكس بداية تحول قد يُفضي إلى قرار تشريعي شامل.

مقترح الإلغاء في مسودة قانون موازنة الدفاع الوطني

تم إرفاق المقترح الخاص بإلغاء قانون قيصر عن طريق إدخاله في مسودة قانون موازنة الدفاع الوطني NDAA لعام 2026 والذي عادة ما يتم مناقشته وإقراره خلال هذه الفترة. ووفق مصادر متطابقة من واشنطن، فإن الأنظار تترقب موافقة مجلس الشيوخ ومجلس النواب على هذا الإرفاق، حيث تم ذلك من قبل السيناتور روجرز ويكر (جمهوري، ولاية مسيسيبي)، ورئيس اللجنة العسكرية في مجلس الشيوخ، وشارك في الرعاية السيناتور جاك ريد (ديمقراطي، ولاية رود آيلاند) العضو البارز في اللجنة.

يوم المناصرة الذي قاده التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار داخل الكونغرس يمثل محطة مهمة في مسار طويل ومعقد. وبينما يراهن أعضاء التحالف على دعم متزايد من المشرعين الأميركيين، تظل التحديات قائمة في ظل الانقسام السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، والضغوط الخارجية المرتبطة بالملف السوري. غير أن المؤكد أن صوت الجالية السورية أصبح أكثر حضوراً وتأثيراً، وأن مساعيها لإلغاء "قانون قيصر" باتت على جدول أعمال الكونغرس بجدية غير مسبوقة. وإذا ما استمرت هذه الجهود في التصاعد، فإنها قد تقود إلى تحول نوعي في السياسة الأميركية تجاه سوريا، بما يعيد رسم مسار العلاقة بين البلدين على أسس جديدة أكثر واقعية وإنسانية.

مشاركة المقال: