يشهد العالم تغيرات متسارعة، ومع انتشار الذكاء الاصطناعي، بدأت منصات وتطبيقات بتقديم خدمة "الصديق الافتراضي"، وهو روبوت دردشة مصمم ليكون صديقًا افتراضيًا يجيب على أسئلتنا واستفساراتنا بطريقة ترضينا.
حالة:
تقول "كندة" (24 عاماً) أنها لجأت إلى التحدث مع صديق افتراضي على إحدى المنصات هرباً من الوحدة. تشارك "كندة" هذا الصديق الافتراضي تفاصيل يومها وتطرح عليه أسئلتها، مؤكدة أنها تلجأ إليه عندما تحتاج إلى التحدث مع شخص ما. وتضيف أنها تحب فكرة وجود شخص متاح للمحادثة في أي وقت، بعيداً عن الشعور بالحرج أو عدم وجود من يستمع إليها كما يفعل الأصدقاء العاديون الذين قد يرفضون الاستماع بحجة ضيق الوقت. ورغم إدراك "كندة" أن هذا الصديق يعتمد على الذكاء الاصطناعي، إلا أنها تجد في التحدث معه راحة نفسية وتخفيفاً للضغط، خاصة أنها غير اجتماعية وتجد صعوبة في تكوين صداقات.
تلبية حاجة فقط:
أوضحت أخصائية الصحة النفسية الدكتورة "غنى نجاتي" أن الصديق الافتراضي وُجد لتلبية حاجة الأفراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية. وأشارت إلى أن تطورات الذكاء الاصطناعي أدت إلى تقدم كبير في تقنية الصديق الافتراضي، حيث تتيح بعض التطبيقات للمستخدمين اختيار مظهر الصديق، مما يجعله أقرب إليهم. وأضافت أن العديد من الأفراد يتحدثون مع هذا الصديق الافتراضي ويشاركونه همومهم، بينما يلجأ إليه آخرون طلباً للنصح والدعم. وبالرغم من أن الصديق الافتراضي لا يهدف إلى توفير الدعم النفسي والعاطفي، إلا أنه قد يكون خياراً آمناً وسرياً للأفراد الذين يعانون من الوحدة أو يجدون صعوبة في مشاركة مشاكلهم مع الآخرين.
د. نجاتي: الصديق الافتراضي لا يقدم دعماً نفسياً.. والإنسان القادر على بناء علاقات اجتماعية لا يحتاج إليه
سهولة في الوصول:
وتابعت الدكتورة "نجاتي" أن تطبيقات الصديق الافتراضي توفر دعماً فورياً وغير مكلف مقارنة بالعلاج النفسي التقليدي. فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يزود المستخدمين بمعلومات وإرشادات في مختلف المجالات بشكل حيادي وسريع. وقد يتمكن الصديق الافتراضي من تقليد لغة الجسد أو تعابير الوجه لتوفير تجربة أكثر واقعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تصميم روبوتات دردشة متخصصة للدعم النفسي، التعليم، العمل، وحتى الصداقات الافتراضية. ومن المتوقع أن يزداد الذكاء العاطفي لهذه الروبوتات في المستقبل، مما يجعلها قادرة على فهم مشاعر المستخدمين بشكل أفضل وتقديم دعم عاطفي أعمق.
الخطر قائم:
أكدت الدكتورة "نجاتي" أن الخطر يبقى قائماً، موضحة أن التطور المفرط لهذه التقنية قد يؤدي إلى استبدال العلاقات البشرية، وأن الاعتماد على الأصدقاء الافتراضيين قد يعزل الأفراد عن التواصل مع الأشخاص الحقيقيين، ويعزز الانطوائية. وأشارت إلى أن بعض المستخدمين قد يجدون صعوبة أكبر في مواجهة العالم الواقعي، وقد يتم التلاعب بتصرفات الأفراد من قبل الشركات. وختمت حديثها بوصف الأشخاص الذين يلجأون إلى الصديق الافتراضي بأنهم غالباً ما يعانون من مخاوف نفسية، وأن الصديق الافتراضي لا يمكن أن يوفر راحة نفسية حقيقية، لأن النفس البشرية تستمد توازنها من التفاعل مع المشاعر والحواس، وهو ما لا يمكن للصديق الافتراضي تقديمه. وتعتقد "نجاتي" أن الصديق الافتراضي لا يقدم دعمًا نفسيًا إلا بالوهم، وأن الإنسان الذي يتمتع بقدرة طبيعية على بناء علاقات اجتماعية لا يحتاج إليه.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية