الخميس, 4 سبتمبر 2025 05:04 AM

ثروة سوريا المهددة: أغنام العواس تحتاج خطة إنقاذ وطنية عاجلة

ثروة سوريا المهددة: أغنام العواس تحتاج خطة إنقاذ وطنية عاجلة

لا يختلف اثنان على أن الاقتصاد السوري يمتلك مقومات تجعله "قوة اقتصادية كبرى" بفضل تنوع الموارد ومصادر الطاقة، بالإضافة إلى القوى العاملة. هذه العوامل تشكل قاعدة أساسية لأي اقتصاد.

هذا التنوع، إذا استُثمر بالشكل الأمثل، يمكن أن يجعل الاقتصاد السوري من بين الأفضل عالمياً، ويحسن مستويات الدخل. لكن الإدارات السابقة فشلت في استغلال هذا التنوع لتحقيق اقتصاد قوي.

اليوم، نسلط الضوء على مكون هام في الإنتاجية الوطنية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية: "الثروة الغنمية". المهندس عبد الرحمن قرنفلة، الخبير في الإنتاج الحيواني، أكد لصحيفة "الحرية" أن هذه الثروة ليست مجرد مصدر للحوم والحليب والصوف، أو مورد رزق للأسر البدوية والعاملين في تسويق المنتجات، بل هي ثروة وطنية متجددة.

خبير: تهميش متعمد من الحكومات السابقة وترك الباب على مصراعيه أمام التهريب

موطن الأغنام

استعرض قرنفلة البيئة الأساسية لهذه الثروة، وهي مراعي البادية السورية التي تشغل 55% من مساحة سوريا. تتلقى هذه الأراضي هطولات مطرية قليلة، وتتميز بفصل شتاء بارد وصيف حار وجاف، مما يدفع الأغنام للهجرة نحو المناطق الزراعية.

الأغنام جزء أساسي من هذا النظام البيئي الاجتماعي والاقتصادي الحساس للتغيرات، وخاصة كمية الأمطار. هذا النظام يتميز بتفاعل مكوناته الأحيائية (الإنسان والنبات والحيوان) واللاأحيائية (التضاريس والتربة والمناخ) بتوازن دقيق. تلعب حركة القطعان دوراً في تحسين التربة، وتشكل مخلفاتها أسمدة طبيعية. الأسر البدوية تنتقل مع قطعانها بحثاً عن المرعى، وتمارس أنشطة اقتصادية متنوعة.

خمسة عقود مضت فشلنا في وضع استراتيجية لتنمية الثروة الغنمية وتحسين إنتاجيتها

ميزة نسبية

أشار قرنفلة إلى أن سوريا تمتلك عرق أغنام العواس، وهو من أشهر العروق العالمية. تسعى دول للحصول على هذه الأغنام لتحسين إنتاجية سلالاتها المحلية. أغنام العواس ثلاثية الغرض: تنتج اللحم والحليب والصوف. لحومها تتميز بنكهة مرتبطة بنباتات المراعي، وحليبها يستخدم في صناعة الزبدة والسمن البلدي والمنتجات التقليدية، وصوفها يدخل في صناعة السجاد.

البادية السورية هي المراعي الأساسية لهذه الأغنام. تتجه القطعان من غرب البلاد إلى الشرق بحثاً عن المراعي الطبيعية، وتبقى في البادية حتى نهاية الصيف، ثم تتجه لرعي بقايا المحاصيل الزراعية.

مورد مستدام للقطع الأجنبي

لطالما شكلت صادرات الأغنام نسبة مهمة من صادرات سوريا الزراعية. أكد قرنفلة أن قيمة الصادرات تجاوزت في التسعينيات 236 مليون دولار، وهو رقم قابل للزيادة إذا وُضعت سياسات حكيمة. وكانت سوريا تحتل المركز الخامس عالمياً والأول عربياً في صادرات الأغنام.

تهميش متعمد

أشار قرنفلة إلى أن الثروة الغنمية عانت قبل الثورة من ضغوط وتهميش حكومي، حيث انخفض عددها من 22 مليون رأس عام 2010 إلى أقل من 8 ملايين عام 2023 بسبب تدهور المراعي، ونقص الأعلاف، وارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة، وتهريب الأغنام، والذبح العشوائي للإناث، وتخبط قرارات التصدير.

المطلوب مشروع إنقاذ وطني

أمام هذا الواقع، لابد من حل ينقذ هذه الثروة من الضياع والتهميش. أكد قرنفلة ضرورة الحل على مستوى الوطن، حيث فشلنا في وضع استراتيجية لتنمية الثروة الغنمية والحفاظ على المراعي وتحسين إنتاجيتها، ورسم سياسة تصديرية مستقرة، ورعاية مربي الأغنام الذين يعيشون في ظروف قاسية في البادية.

ثروتنا الغنمية تلعب دوراً في الحفاظ على التوازن البيئي، وتحويل النباتات إلى لحم وحليب، وتسيطر لحومها على سلة لحوم المواطن السوري، وتساهم صادراتها في إنعاش الاقتصاد. هذه الثروة بحاجة إلى مشروع إنقاذ وطني يشارك في رسم سياساته مربو الأغنام الحقيقيون، لأن أي مشروع لا يساهم المستفيدون في رسم معالمه مصيره الفشل.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: