الجمعة, 31 أكتوبر 2025 12:25 AM

صرخات مزارعي التبغ: ارتفاع التكاليف والإهمال يهددان مستقبل زراعتنا

صرخات مزارعي التبغ: ارتفاع التكاليف والإهمال يهددان مستقبل زراعتنا

تواجه زراعة التبغ في سوريا أزمة حادة تنذر بانهيارها، وذلك نتيجة لغياب الدعم الحكومي وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل غير مسبوق. تعيش آلاف الأسر التي تعتمد على هذه الزراعة كمصدر رزق رئيسي وضعاً اقتصادياً صعباً، في ظل انعدام الضمانات والدعم اللازم لإنقاذ هذا القطاع الحيوي.

من الاكتفاء إلى الخسارة

في لقاء مع صحيفة «الحرية» في منطقة القدموس، عبّر المزارع أحمد حسن عن قلقه قائلاً: «أزرع التبغ منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكانت هذه الزراعة مصدر رزقنا، أما اليوم فقد أصبحت عبئاً ثقيلاً. أسعار الأسمدة والمبيدات والوقود ارتفعت بشكل كبير، وأجور العمال أصبحت باهظة، بينما نبيع التبغ بسعر لا يغطي حتى تكلفة الإنتاج. السوق المحلية مليئة بالسجائر الرخيصة، مما أفقد التبغ المحلي قيمته.»

من جهته، أوضح المهندس الزراعي هيثم سلمان أن المؤسسة العامة للتبغ لا تتبع سياسة تسعير واضحة، ولا تضمن هامش ربح يحمي المزارعين من الخسائر. وأشار إلى أن مستحقات موسم 2024 لم تُصرف حتى الآن، وأن محصول عام 2025 لا يزال ينتظر قرار المؤسسة بشأن استلامه، مما يعكس غياب خطة واضحة للحفاظ على هذه الزراعة.

ويرى المزارع آصف حامد أن زراعة التبغ تمثل حياة كاملة للعائلات، لكنها اليوم لم تعد قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية. وأضاف أن التعويضات المقدمة في حالات الكوارث الزراعية غير كافية ولا تتناسب مع حجم الضرر.

وطالب المزارع حيان إسماعيل بإنصاف مزارعي التبغ من خلال وضع تسعيرة عادلة للمحصول، وصرف المستحقات المتأخرة، وتقديم الدعم اللازم وتخفيض تكاليف الإنتاج. وأكد أن المزارعين ينتظرون استلام محصول هذا الموسم لمعرفة ما إذا كانت الجهات المعنية ترغب في استمرارهم في زراعة التبغ، أم أن هناك خطة بديلة لزراعات أخرى.

آلاف الأسر تعتمد على زراعة التبغ كمصدر دخل رئيسي واليوم تعاني من واقع اقتصادي قاسٍ

خطة الزراعة مستمرة

أوضح مدير زراعة طرطوس، حسن حمادة، أن المساحة المخصصة لزراعة التبغ لموسم 2024-2025 تبلغ 3000 هكتار بعل و300 هكتار سقي، وهي خطة مستمرة من وزارة الزراعة. وأكد عدم وجود برنامج دعم في القدموس أو محافظة طرطوس، مشيراً إلى أن الدعم كان يُقدم سابقاً عبر وزارة الصناعة، التي كانت تسلم البذور مجاناً وتستلم المحصول بعد تسليمه بالكامل، كما كانت توفر المبيدات وعمليات المكافحة مجاناً.

تأخر الاستلام

أوضح رئيس اتحاد فلاحي طرطوس، المهندس رائد مصطفى، لـ«الحرية» أن تأخر استلام محصول التبغ هذا الموسم يعود إلى ظروف فنية ولوجستية تتعلق بعمليات الفحص والتصنيف والتخزين لدى المؤسسة العامة للتبغ. وأشار إلى أنه تم التنسيق مع فروع المؤسسة في المحافظات لتسريع وتيرة الاستلام، مع فتح مراكز إضافية وتوفير اللجان الفنية في الوقت المناسب، وتجنب الازدحام، وزيادة عدد اللجان المختصة بالفرز والتقدير، مع متابعة مباشرة من الاتحاد لتذليل العقبات.

كما تم التأكيد على الإسراع في إنجاز التدقيق المالي، وهناك جدول زمني قيد الإعداد لتسديد الدفعات تدريجياً قبل نهاية العام، مع إعطاء الأولوية لمن سلموا محاصيلهم في المواعيد الأولى.

تحديات الإنتاج الزراعي

أشار مصطفى إلى أن الاتحاد رفع عدة مقترحات للجهات المعنية لتخفيف الأعباء عن المزارعين، من بينها المطالبة بدعم جزئي لأسعار الأسمدة والمبيدات والمازوت الزراعي، والتنسيق مع المصرف الزراعي لتسهيل منح القروض قصيرة الأجل بأسعار فائدة مخفّضة، والدعوة إلى توسيع برامج الدعم من خلال صندوق دعم الإنتاج الزراعي، ومتابعة استقرار أسعار المدخلات عبر الجهات التموينية المختصة.

مطالب بآلية تسعير شفافة

أكد مصطفى وجود تواصل مستمر بين الاتحاد العام للفلاحين والمؤسسة العامة للتبغ بشأن تحديد أسعار المحصول، مشيراً إلى أن غياب سياسة تسعير واضحة يعود إلى التذبذب في تكاليف الإنتاج والأسعار العالمية للتبغ الخام، إضافة إلى الوضع المالي العام للمؤسسة. وطالب الاتحاد باعتماد آلية تسعير شفافة ومسبقة تُعلن قبل بدء الموسم، تأخذ بعين الاعتبار تكلفة الإنتاج وهامش ربح مجزٍ للفلاح.

دعوة للإنصاف

شدد مصطفى على أحقية شكاوى المزارعين من انخفاض نسب التعويض من صندوق الجفاف والكوارث الطبيعية مقارنة بحجم الضرر، مبيناً أن الاتحاد رفع مذكرة رسمية إلى وزارة الزراعة تطالب بمراجعة أسس التقدير المعتمدة، وزيادة مخصصات الصندوق بما يتناسب مع حجم الخسائر، وإشراك ممثلين عن الفلاحين في لجان تقييم الأضرار لضمان العدالة والشفافية.

كما دعا إلى تثبيت سياسة تسعير عادلة ومبكرة قبل الموسم الزراعي، وتأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة، وتحسين آلية استلام المحصول، وتقصير مدة صرف المستحقات، ودعم برامج الإرشاد الزراعي، والتوسع في الزراعات البديلة، وزيادة مخصصات صندوق الكوارث الزراعية، ووضع خطة وطنية لتطوير صناعة التبغ بما يضمن استدامة هذه الزراعة ومردودها الاقتصادي.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: