الأربعاء, 3 سبتمبر 2025 02:38 AM

خبير تعليمي: نظام التعليم السوري غير منصف ويتطلب إصلاحات جذرية ونظاماً مبتكراً

خبير تعليمي: نظام التعليم السوري غير منصف ويتطلب إصلاحات جذرية ونظاماً مبتكراً

أعرب الدكتور إبراهيم عبد الكريم الحسين، الخبير الإقليمي في جودة وتميز التعليم، عن قلقه بشأن مستقبل التعليم في سوريا، مشيراً إلى أن النظام الحالي ومخرجاته يعانيان من مشاكل متراكمة منذ أكثر من نصف قرن. وأوضح أن التركيز على تحصيل الدرجات بدلاً من تطوير الكفاءات يمثل أحد الأسباب الرئيسية لهذا التدهور.

وأضاف الحسين أن الطلاب السوريين وأسرهم يبذلون جهوداً مضنية للحصول على الدرجات، التي أصبحت الهدف الأسمى في النظام التعليمي التقليدي. وأشار إلى أن الدروس الخصوصية تحولت إلى نظام تعليم مواز، مما أدى إلى ضعف جودة التعليم وتفاقم الأزمة التعليمية والاقتصادية. وأكد أن التركيز على الدرجات أدى إلى انعدام تكافؤ الفرص بين الطلاب وتوسع الفجوة بين القادرين على تحمل تكاليف التعليم الجيد وغير القادرين.

واعتبر الحسين أن هذا الوضع يضعف جودة مهارات القرن الحادي والعشرين، التي تعتبر أساساً للاقتصادات القائمة على المعرفة والإبداع. كما لفت إلى أن سوق الدروس الخصوصية يشكل سوقاً موازياً يقدر بمليارات الليرات السورية، حيث تصل تكلفة الدروس الخصوصية للطالبين إلى ما يعادل 30-50% أو أكثر من دخل الأسرة الشهري.

وأكد أن النظام التعليمي الحالي غير منصف وغير شامل، وساهم في توسيع الفجوة في الحصول على التعليم الجيد بسبب تراجع دور الدولة في رعاية الأطفال من الفئات الاقتصادية الأقل حظاً والمهمشين والأطفال في المناطق الريفية. كما أشار إلى وجود تفاوت في جودة الخدمات التعليمية بين المحافظات، مما يؤدي إلى هدر رأس المال البشري بسبب ضعف جودة التعليم في مؤسسات التعليم المبكر.

وأوضح أن ضعف مخرجات تعلم الطلاب السوريين مقارنة بالتقييمات الدولية يعود إلى ضعف النظام التعليمي التقليدي وليس إلى قدرات الطلاب. وأشار إلى أن الدراسات الدولية التي قيمت نظام التعليم في سوريا كشفت عن واقع مأساوي، حيث لم تشارك سوريا في هذه التقييمات منذ 14 عاماً بسبب انهيار منظومة التعليم نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد. وأضاف أن نتائج مشاركة الطلاب السوريين في آخر تقييمات TIMSS سجلت الأقل أداءً بين الدول.

كما بين أن النتائج تشير إلى ضعف تمكين الطلاب من مهارات القرن الحادي والعشرين مثل الإبداع والابتكار والفهم القرائي بسبب تركيز النظام التعليمي على الاختبارات والدرجات. ورأى أن ضعف إسهام نظام التعليم في التنمية المستدامة يمثل أحد أسباب ضعفه.

وتابع قائلاً: "كلما راجعت المنصة الرقمية لمعهد اليونيسكو للإحصاء وشاهدت تلك اللوحة التي يسيطر عليها اللون الرمادي (لا تتوفر بيانات) أو اللون الأحمر (انخفاض حاد)، ينتابني الخوف على مستقبل بلادي نتيجة هذا الدمار اللامرئي". وأضاف أن تدمير المدن محزن، لكن الأكثر خوفاً هو الدمار اللامرئي المتمثل في انخفاض معدلات الالتحاق بالتعليم الأساسي، وتدمير أو تضرر 40% من المدارس، ونقص المعلمين المؤهلين وهجرة الكفاءات، وانخفاض معدل الإلمام بالقراءة والكتابة إلى أكثر من 70%، وتفاقم عدم المساواة بين الجنسين، وضعف البنية التحتية الرقمية منذ عام 2011.

واعتبر أن نظام التعليم في سوريا، بالرغم من جهود وزارة التربية والتعليم، غير قادر على تكوين القوى الدافعة للتنمية المستدامة، ويحتاج إلى إعادة التفكير لتحويل التعليم بشكل جذري من نظام يعد الطلاب للاختبارات والشهادات إلى نظام مبتكر يمكن الطلاب من كفاءات المستقبل للمساهمة في التنمية الوطنية والاقتصاد القائم على المعرفة والإبداع.

الوطن- محمود الصالح

مشاركة المقال: