لقمان عبد الله: منذ الإعلان عن استشهاد رئيس الوزراء اليمني، أحمد غالب الرهوي، وعدد من وزرائه في غارة إسرائيلية على صنعاء، أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت الضربة تمثل نجاحًا استخباراتيًا لإسرائيل، خاصةً مع فشل تل أبيب في بناء قاعدة معلومات قوية تهدد الكيان عسكريًا. كما نوقش ما إذا كان الحادث اختراقًا أمنيًا، أم أن رئيس الوزراء وفريقه الوزاري لم يخضعوا لإجراءات أمنية كافية نظرًا لكونهم مسؤولين مدنيين.
إسرائيل تسعى في اليمن إلى استهداف الشخصيات الأمنية والعسكرية التي تشكل تهديدًا مباشرًا لها، خاصةً قادة منظومات الصواريخ والطائرات المسيّرة والقوات البحرية، مع التركيز على الوصول إلى القيادة اليمنية العليا. بينما كان الرهوي ووزراؤه يمارسون مهامهم علنًا في المقار الحكومية، ويشرفون على الملفات الإدارية ويقابلون المواطنين بانتظام، دون إخفاء هواتفهم أو تغيير روتينهم اليومي. ويبدو أن التراخي الأمني يعود إلى اعتقاد صنعاء بأن إسرائيل لا تستهدف المستوى السياسي بشكل مباشر، استنادًا إلى التجربتين اللبنانية والإيرانية.
يرى مراقبون وخبراء أنه من الصعب وصف عملية الاغتيال بأنها "إنجاز أمني" أو اختراق حقيقي للمنظومة الأمنية اليمنية، أو دليل على القدرة على تضليلها، كما حاول المسؤولون الإسرائيليون الإيحاء به. فالعملية كانت خطأ يمنيًا في التقدير، وإغفالًا لحقيقة أن إسرائيل تلجأ إلى الانتقام كلما تعثرت استخباراتها.
عقب الاغتيال، حاولت إسرائيل، عبر وسائل إعلامها، تصوير العملية كـ"إنجاز بطولي" لتعويض فشلها الأمني السابق، وتقديم صورة مبالغ فيها للداخل الإسرائيلي. كما روجت وسائل الإعلام الإسرائيلية والخليجية لفكرة أن الاستخبارات الإسرائيلية ضللت نظيرتها اليمنية بالادعاء بأن بنك أهدافها في اليمن غير كامل، وأن العمل جارٍ لسد الفجوة الاستخباراتية للوصول إلى الأهداف المؤثرة، مثل الشخصيات العسكرية والقيادية الرفيعة، والمنظومات الصاروخية والمسيّرة، ونقاط إطلاق الصواريخ وتخزينها.
نقلت تلك الوسائل عن مسؤولين أمنيين أن الاستخبارات الإسرائيلية عملت على خلق "وهم" لدى "أنصار الله" بأن تحركاتهم غير مكشوفة. وبعد تنفيذ العملية، التي أطلق عليها اسم "ضربة حظ"، احتفل الإعلام بنجاح الاستهداف، وزعم أن وزير الدفاع، اللواء ركن محمد ناصر العاطفي، ورئيس هيئة الأركان، اللواء ركن محمد عبد الكريم الغماري، وكبار الضباط والوزراء كانوا من بين القتلى.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تدعي فيها إسرائيل أنها قتلت الغماري، فقد ادعت اغتياله خلال الحرب مع إيران في يونيو الماضي، قبل أن يتبين كذب تلك المزاعم. وتدور حرب استخباراتية شرسة بين "أنصار الله" والكيان الإسرائيلي، تستخدم فيها أساليب التضليل والخداع والتمويه والاستدراج. ورغم التفوق التكنولوجي الإسرائيلي والقدرة الكبيرة على الاختراق الفني، والتعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة و"الناتو"، إلا أن اليمن أظهر قدرات عالية على التملص من شباك تلك الاستخبارات، وتوجيه ضربات مؤلمة.
وكان العدوان الأميركي على اليمن في مارس الماضي قد وقع في فخ استخباراتي يمني، بعد التخطيط لانطلاقه باغتيال شخصية يمنية رفيعة جدًا، وفقًا لتسريبات فضيحة تطبيق "سيغنال". ونقلت مصادر أن مصدر المعلومة هو الكيان الإسرائيلي، قبل أن يتبين أنها مغلوطة، ورغم ذلك تأخرت الحرب إلى حين الحصول على تلك الإحداثية. ومع تطور الحرب، قدرت مصادر عسكرية أن نسبة كبيرة من الضربات الأميركية طاولت أهدافًا وهمية أو نفذت بناءً على إشارات فنية مخادعة.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار