الإثنين, 1 سبتمبر 2025 07:21 AM

دير الزور: دور العبادة المتضررة تنتظر خطة لإعادة الإعمار بعد سنوات الحرب

دير الزور: دور العبادة المتضررة تنتظر خطة لإعادة الإعمار بعد سنوات الحرب

دير الزور – عبادة الشيخ: خلّفت الحرب المستمرة منذ 14 عامًا دمارًا واسعًا في المباني بمختلف المناطق السورية، بما في ذلك محافظة دير الزور في شرق سوريا. لم تسلم المعالم الدينية والتاريخية من آثار الحرب، حيث تحولت العديد من المساجد والكنائس إلى أطلال نتيجة للقصف الجوي والمدفعي، بالإضافة إلى أعمال التخريب التي ارتكبتها التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”.

لطالما كانت مدينة دير الزور، الواقعة على ضفاف نهر الفرات، رمزًا للتعايش السلمي والتنوع الحضاري، حيث كانت المساجد والكنائس تروي قصصًا عن الوحدة الوطنية والتاريخ الحافل بالوئام. لكن الحرب في سوريا حوّلت هذه الصورة إلى ركام. تضررت مساجد “عثمان بن عفان” و”الصفا” و”الغزالي” وغيرها من المساجد التاريخية بشكل كبير. كما طال التخريب الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية، ويسعى أبناؤها اليوم لإعادة بناء ما دمرته الحرب.

حجم الأضرار

أكد مدير أوقاف دير الزور، جميل رحيّم، أن حجم الدمار الذي لحق بدور العبادة في المحافظة كبير جدًا. وكشف مسح ميداني شامل أجرته المديرية عن تدمير 18 مسجدًا بشكل كامل، وتضرر 64 مسجدًا بشكل جزئي. وشملت الأضرار انهيار الأسقف والمآذن، وتدمير الواجهات، بالإضافة إلى تلف البنية التحتية ونهب محتويات المساجد، وفقًا لحديث رحيّم إلى عنب بلدي. وبالنسبة للكنائس، فقد تعرضت الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية لأضرار بالغة. كما تم تدمير كنيسة “يسوع الملك”، التي أسسها الآباء الكبوشيون عام 1925، بشكل كامل بقذائف النظام السوري السابق.

خطط إعادة الإعمار

تتبنى مديرية الأوقاف خطة تدريجية لإعادة إعمار المساجد موزعة على ثلاث مراحل: ترميم المساجد المتضررة جزئيًا، وإعادة بناء المساجد المتضررة كليًا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، واستكمال ترميم وتأهيل بقية المساجد. وأشار رحيّم إلى أن إنجاز المرحلة الأولى قد يستغرق ما بين 12 إلى 18 شهرًا، ويعتمد ذلك على حجم التمويل. وأضاف أن أبرز التحديات التي تواجه المديرية هي ضعف التمويل وتأخر المخصصات الحكومية، والحاجة إلى كوادر متخصصة في الترميم التراثي ونقص المواد الأولية. ولمواجهة هذه العقبات، تعمل المديرية على تعزيز الشراكات المحلية، وإطلاق حملات تبرع، وطلب الدعم من الجهات المركزية والمنظمات الداعمة. وتعمل المديرية على التنسيق مع جهات دولية ومنظمات مجتمع مدني، مثل مكتب “HAC” ومبادرات من الجاليات السورية في الخارج، لتوفير المواد الإنشائية الأساسية، وتنظيم ورشات تدريبية لترميم التراث الإسلامي، ودعم برامج التوعية المجتمعية.

غياب الكنائس وتراجع الأعداد

تراجع عدد المسيحيين في دير الزور بشكل كبير، ليصل إلى حوالي 15 شخصًا فقط. ومع تدمير الكنائس، يضطر الباقون لممارسة شعائرهم الدينية في منازلهم، مما يعكس التغير الديموغرافي الذي شهدته المدينة نتيجة الحرب. ولم ترصد عنب بلدي أي مبادرات شعبية أو من قبل منظمات لإعادة تأهيل وإعمار الكنائس المدمرة، نظرًا إلى الأعداد القليلة للمسيحيين في المدينة.

80% مدمرة

تقف مدينة دير الزور كرمز للدمار الذي طال مناطق واسعة من المدن والمحافظات السورية. ووصلت نسبة الدمار في مدينة دير الزور إلى نحو 80% من مبانيها السكنية، مع غياب الخدمات الأساسية والبنية التحتية الصالحة للحياة، في ظل تجاهل من نظام الأسد لإعادة الإعمار. وتقلصت المساحات القابلة للسكن إلى حيّين فقط، هما حيا الجورة والقصور، من أصل 28 حيًا. هذان الحيّان أصبحا الملاذ الوحيد لمن تبقى من سكان المدينة الذين يعيشون ظروفًا معيشية صعبة، وسط غياب الخدمات الأساسية وندرة الموارد. أما بقية أحياء المدينة فقد باتت مدمرة بالكامل وغير صالحة للسكن، مثل أحياء الرشدية والجبيلة والعرضي والعرفي والتكايا والشيخ ياسين والحميدية والحويقة والمطار القديم والصناعة والشارع العام.

مشاركة المقال: