الإثنين, 1 سبتمبر 2025 06:16 AM

تفاصيل إخلاء مساكن "السومرية" بدمشق: شهادات السكان وقلق أممي

تفاصيل إخلاء مساكن "السومرية" بدمشق: شهادات السكان وقلق أممي

"اقتحام مفاجئ لعناصر مسلحين يرتدون زيًا عسكريًا، داهموا المساكن العشوائية في حي السومرية بمدينة دمشق، وطالبوا بإخلاء البيوت"، بهذه الكلمات بدأت إحدى سكان الحي حديثها لـ"عنب بلدي"، متحفظة على ذكر اسمها لدواعٍ أمنية.

وأضافت أن المداهمة شهدت إهانة للسكان وضربًا لبعض الشباب، بالإضافة إلى الشتائم والتوبيخات. كما طُلب من بعض الأشخاص أصحاب الملكيات الخاصة إخلاء منازلهم.

"نيرمين"، وهو اسم مستعار بناءً على رغبتها، وافقتها الرأي، وأوضحت أنه في 26 من آب، تلقت مجموعة الحي عبر "واتس آب" رسالة من القائد الأمني للحي تفيد بأن لجنة ستقوم بفحص ملكية المساكن لتحديد من يملك عقاره ومن استولى عليه، دون اتخاذ أي إجراءات في الوقت الحالي.

في اليوم التالي، 27 من آب، دخل فصيل مسلح يتبع لوزارة الدفاع وانتشر عناصره في الحي، ومنعوا الدخول والخروج منه، وطالبوا جميع الأهالي بالإخلاء، حتى من يملك عقد ملكية بمنزله، مع توجيه عبارات توبيخية.

يشهد حي السومرية منذ ذلك الحين توترات عقب المداهمة لإجبار سكان المساكن العشوائية على إخلاء منازلهم، استنادًا إلى وثيقة صادرة عن "لجنة الإسكان العامة".

الإنذار لم يحمل أي توقيع رسمي، ونُسب فقط إلى رئاسة الجمهورية.

نشأت منطقة "السومرية" في ثمانينيات القرن الماضي على أراضٍ تم الاستيلاء عليها من أهالي معضمية الشام.

يعود اسم "السومرية" إلى سومر، ابن رفعت الأسد، حيث أُسكنت المنطقة بعناصر من "سرايا الدفاع" التي كان يقودها رفعت، شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد.

بداية الأحداث

"لم يكتف بعض عناصر الفصيل بفحص ملكية العقارات يوم الأربعاء، بل اعتقلوا عددًا من الشباب، مدنيين وعسكريين حاصلين على تسوية، ومن بينهم من هم دون سن الـ 18 عامًا. كما قاموا بتفتيش هواتف الأهالي ومصادرة بعضها"، بحسب "نيرمين".

أكد المصدران السابقان لـ"عنب بلدي" أنه في مساء اليوم نفسه، أطلق الفصيل سراح بعض المعتقلين بعد تعرضهم لضرب "مبرح"، بشرط إخلاء منازلهم صباح الخميس 28 من آب.

صباح الخميس، زادت مضايقات الفصيل للأهالي مع إغلاق المحال ومنع حركة التجول، وفرض إخلاء الحي بأكمله دون أي إنذار أو مهلة، مما أدى إلى هروب شباب الحي وبقاء النساء في المنازل فقط.

عصر الخميس، طُلب من الأهالي التوجه إلى الساحة للقاء المحافظ، حسبما قيل لهم من العناصر، لكن اللقاء اقتصر على عناصر الفصيل فقط، وكان الهدف منه تهديد من بقي، إذ قام العناصر بضرب النساء، وخاصة من يصور منهن، بالإضافة إلى مصادرة الهواتف المحمولة وتهديد بعض النساء بـ "الدعس".

مساء الخميس، عاد العناصر إلى المنازل مجددين تهديد الإخلاء.

الجمعة 29 من آب، منع الفصيل دخول الصحفيين، مع السماح بدخول صحفيين لوسيلة إعلام واحدة، وهو ما تحققت منه "عنب بلدي" عبر صحفيين في وسائل إعلام محلية ودولية.

وفقًا للمصدرين الأهليين اللذين تواصلت معهما "عنب بلدي"، أُجبر بعض الأهالي على الإدلاء بمداخلات محددة وفقًا لرغبة الفصيل، كما أخرج العناصر جميع السيارات العسكرية من شوارع الحي أثناء التصوير، مع تجديد الهجوم على المنازل.

أغلبية الأهالي أخلوا المساكن خوفًا من انتهاكات بحقهم، مع السماح بإخراج بعض المقتنيات، وسط حديث عن التراجع عن أمر الإخلاء، لكنه لم يُطبق على أرض الواقع.

ملكية العقارات

تتنوع ملكية المساكن في حي السومرية إلى ثلاثة أنواع:

  • ملكية خاصة.
  • ملكية تعود للدولة.
  • استملاك أراضي أصحابها من مدينة المعضمية المجاورة للحي.

استغرب أهالي حي السومرية تولي فصيل تابع لوزارة الدفاع بالمهمة، وأشاروا إلى أن معاملة عناصر الفصيل مهينة، مع تجاهل الوزارة والمحافظة للأحداث، مطالبين بمعالجة الأمر وعودة من أثبت أن عقاره ملك خاص له، ومحاسبة الفصيل، وإطلاق سراح المعتقلين.

الجهات الرسمية تتجنب الرد

أكدت وزارة الداخلية لـ"عنب بلدي" أنها لا علاقة لها بالإخلاء. ولم تحصل "عنب بلدي" على استجابة من وزارة الدفاع.

أكدت محافظة دمشق لـ"عنب بلدي" أنها ستنشر بيانًا حول ما حدث في حي السومرية، لكنها لم تنشره بعد.

الأمم المتحدة قلقة

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء التطورات في حي "السومرية" بدمشق، بما في ذلك التقارير عن تهديدات بالإخلاء والانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال.

وحثت في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني في 29 من آب، على ضبط النفس والامتناع عن أي إجراءات متسرعة أو عنيفة.

أشار المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في المؤتمر الصحفي إلى أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، يتابع عن كثب هذه التطورات.

وأكد ضرورة معالجة القضايا المعقدة المتعلقة بالإسكان والأراضي والممتلكات والعدالة الانتقالية بعناية، مع إعطاء الأولوية لحماية المدنيين، بناءً على سيادة القانون وبما يتماشى مع المعايير الدولية.

تشهد سوريا حالات مشابهة منذ سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، وسط محاولات للعديد من الأهالي في مناطق مختلفة لاستعادة أملاكهم المستملكة رسميًا أو المستحوذ عليها من ضباط وعناصر سابقين في نظام الأسد.

مشاركة المقال: