في الشمال الغربي لسوريا، يسعى الأهالي جاهدين لإعادة بناء قراهم ومدنهم التي دمرها قصف الطيران الروسي وقوات النظام خلال الحملة العسكرية الأخيرة. يبرز حرص السكان على إعادة تأهيل المدارس كأولوية قصوى، بالتوازي مع ترميم منازلهم التي تعرضت للنهب والتفكيك على أيدي ميليشيات الأسد.
بالرغم من وجود منظمات ومؤسسات عديدة تدعم السكان والتعافي المبكر، إلا أن المبادرات تتسم بروح التشاركية. مؤسسة مداد (أو تعليم بلا حدود – مداد) تُعنى بترميم المدارس في سوريا، وقد أطلقت مؤخراً حملة لترميم 100 مدرسة في محافظات مختلفة بالتعاون مع منظمات أخرى. كما تعمل المؤسسة على دعم وتطوير البنية التحتية التعليمية في المدن السورية، بما في ذلك ترميم مدارس في حمص وحلب.
تقوم مداد بترميم المدارس المتضررة لتكون جاهزة لاستقبال الطلاب، ويشمل ذلك تطوير البنية التحتية وزيادة السعة الاستيعابية. وتشارك المؤسسة في حملات التكافل المجتمعي لإعادة الحياة إلى المدن وبث الأمل في نفوس الأطفال، بالتعاون مع منظمات مثل منظمة “رحمة بلا حدود”، وجمعيات ورجال أعمال لتمويل وتنفيذ مشاريع ترميم المدارس. وقد قامت مداد بترميم 100 مدرسة في سبع محافظات سورية، منها دمشق وريف دمشق وحمص وحلب وإدلب وغيرها.
تُعتبر محافظتا حلب وإدلب في الشمال الغربي من أكثر المحافظات تضرراً، حيث لا تزال معظم المدارس خارج الخدمة. يؤكد مراسل حلب اليوم في ريف إدلب أن العديد من المدارس عادت للعمل بمبادرات محلية وتطوعية من قبل مدرسين ونشطاء، حيث تم تأمين الحد الأدنى من المستلزمات بعد جمع التبرعات لتفادي حرمان الأطفال من التعليم. ويشمل ذلك المساجد التي عمل السكان على جمع التبرعات لإصلاحها، بالإضافة إلى تبرعات من المغتربين.
خلال الشهر الماضي، تم جمع عشرات آلاف الدولارات لصالح الدفاع المدني في كل من سراقب ومعرة النعمان لإزالة الأنقاض من الشوارع، فيما لا تزال عمليات الترحيل مستمرة بمشاركة نشطاء ومتطوعين من الأهالي. وقد عادت آلاف العائلات من رحلة نزوح طويلة ليواجهوا نقصاً كبيراً في الخدمات مع ضعف إمكانات الدولة، بما في ذلك تضرر المدارس، مما يؤثر سلباً على العملية التعليمية.
توجد في محافظة حلب وحدها ما يقرب من 2000 مدرسة بحاجة لإعادة إعمار أو تأهيل، وفقاً لبيانات وزارة التربية والتعليم. هناك 820 مدرسة متضررة بشكل بسيط يمكن أن يعود لها الطلاب سريعاً مع بعض الإصلاحات، و 687 مدرسة متوسطة الضرر تحتاج وقتاً وجهداً كبيراً للترميم، و 163 مدرسة متضررة بشدة ومبانيها شبه منهارة تحتاج لإعادة إعمار. وفي المدينة وريفها أيضاً 99 مدرسة مدمرة بالكامل تحولت إلى أنقاض بفعل القصف العنيف، وتحتاج إلى هدم وترحيل قبل الإعمار. وفيما توجد 55 مدرسة قيد الترميم، فقد تم إعادة افتتاح 38 مدرسة فقط في حلب بعد ترميمها.
في محافظة إدلب، تضررت أكثر من 1054 مدرسة، بينما تجري جهود لإعادة تأهيل 90 منها فقط في حملة أُطلقت منذ حزيران الماضي، لتوفير بيئة تعليمية مناسبة للطلاب في 80 بلدة.