منذ شهر حزيران الماضي، بدأت محافظة دمشق بتنفيذ أعمال تأهيل واسعة النطاق في كراجي "العباسيين" و"البولمان" بالعاصمة دمشق. تهدف هذه الخطوة إلى تحسين مستوى النقل وتسهيل حركة المسافرين. وعلى الرغم من أن الأعمال لا تزال جارية، إلا أنها أحدثت تغييرًا ملحوظًا في الكراجين، ووفرت خدمات جديدة حظيت بترحيب كبير من الركاب والسائقين. ومع ذلك، لم تخلُ العملية من بعض الملاحظات والانتقادات التي لا تزال قيد المعالجة. وقد رصدت عنب بلدي ارتياحًا لدى المسافرين الذين تحدثت إليهم، لكن معظمهم طالبوا بالمزيد من التحسين وإعادة تنظيم بعض الجوانب ومعالجة مشكلة الضوضاء.
خدمات مجانية للمسافرين والمرضى
وفقًا لمديرية الصيانة في محافظة دمشق، شملت أعمال الصيانة في كراج "العباسيين" تأهيل المكاتب الإدارية ومكاتب بيع التذاكر التابعة للشركات، بالإضافة إلى صيانة الحمامات وترميم الأرصفة وصيانة المظلات المعدنية وإنشاء مظلات جديدة، وتجميل مدخل المسافرين. وبعد أن كانت الفوضى وغياب المرافق المناسبة سمة بارزة للكراج خلال السنوات الماضية، أظهرت أعمال التأهيل تغييرًا ملحوظًا. كما تمّت صيانة وتأهيل السور المعدني، وتنفيذ إنارة تعتمد على الطاقة الشمسية لساحات الكراج، إلى جانب تركيب طاقة شمسية لتخديم المكاتب.
أفاد باسل السعيد، مدير كراج "العباسيين"، لعنب بلدي، بأن الوضع قبل أعمال التأهيل كان "سيئًا للغاية"، حيث كانت القمامة منتشرة والمرافق مهملة بشكل كامل. وأضاف أن الإدارة تحرص على تقديم أفضل خدمة للمسافرين، وجعلهم يشعرون بالراحة والأمان عند دخولهم الكراج، بعد أن كان مكانًا لابتزاز الركاب قبل سقوط النظام. وأشار السعيد إلى أن الإدارة توفر الآن خدمات مجانية للمسافرين أو المرضى أو الطلاب في حال احتاجوا إلى ذلك. ومن المتوقع أن تنتهي أعمال التأهيل والصيانة في كراج "العباسيين" مع نهاية شهر آب الحالي، وفقًا لمحافظة دمشق.
بالتوازي مع أعمال تأهيل كراج "العباسيين"، نفذت محافظة دمشق أيضًا أعمال صيانة في كراج "البولمان"، شملت إصلاح المكاتب الإدارية وتأهيل الحمامات وتنفيذ إنارة بالطاقة الشمسية لساحات الكراج. وأضافت المحافظة أنه سيتم تركيب مظلات للمسافرين في الفترة المقبلة.
تحسينات تريح المسافرين
من خلال جولة أجرتها عنب بلدي في الكراجين، رصدت التغييرات التي حصلت وآراء الناس حول الإصلاحات. وقد لاقت هذه الخطوات ترحيبًا من المواطنين والسائقين، لكنها كشفت عن تحديات لم تحل بعد. في كراج "العباسيين"، تحدثت سميرة عبود، القادمة من حمص، عن ارتياحها الكبير بعد تركيب المظلات التي خففت معاناتها من الانتظار تحت الشمس الحارقة، وأشارت إلى أن وجود مراوح في أماكن الجلوس جعلها تشعر بأن راحتها أولوية لدى القائمين على الكراج. أما عبد العزيز خضر، فقد عبّر عن فرحته بالمقاعد المريحة التي استبدلت الانتظار المرهق على الأرصفة بانتظار هادئ ومنظم داخل الاستراحات. وفيما يتعلق بالخدمات الصحية والمرافق، عبّرت وداد عثمان عن سعادتها بفصل الحمامات بين الذكور والإناث بعد أن كانت مشتركة، مؤكدة أن الوضع السابق كان يسبب لها إحراجًا شديدًا، خاصة في ظل الإهمال وقلة النظافة. وقال أحمد إدريس، وهو سائق باص يعمل على خط قارة، إن الكراج أصبح أكثر تنظيمًا من قبل، خصوصًا في طريقة وقوف الحافلات وتوزيع المواقف، ولفت إلى أهمية تأهيل صنابير المياه التي وفرت مياه باردة وهو ما كان يفتقده سابقًا. أما في كراج "البولمان"، فقد رحّب بعض المسافرين بهذه التحسينات، معتبرين أن الإضاءة الجديدة والخدمات الصحية حسنت من ظروف الانتظار، إلا أن آخرين أبدوا استياءهم من استمرار بعض الظواهر السلبية.
خدمات ناقصة ومشكلات مستمرة
رغم التحسن الملحوظ داخل كراج "العباسيين"، لا تزال المنطقة المحيطة به، والتي تستخدم كمواقف لـ"سرافيس" ريف دمشق، أقل تنظيمًا وتعاني من مشكلات واضحة، أبرزها غياب الإنارة ليلًا ما يجعل المكان مصدر قلق للركاب، ويزيد من مخاطر السرقة أو التعرض للحوادث. إلى جانب ذلك، يشتكي سائقون من انتشار "البسطات" التي تحتل جزءًا كبيرًا من الشارع وتعوق حركة المركبات. وتزيد الأرصفة والطرقات المتهالكة في المنطقة وغياب المظلات من معاناة الركاب المنتظرين تحت أشعة الشمس. محافظة دمشق أكدت لعنب بلدي أنها ستباشر بتنفيذ حل مروري شامل في المنطقة المحيطة بالكراج، على أن تنتهي الأعمال مع بداية الشهر العاشر، في محاولة لمعالجة هذه المشكلات التي تؤثر على انسيابية الحركة وسلامة الركاب. ولا يزال كراج "البولمان"، رغم الصيانة والتحسينات الجزئية، بحاجة إلى تطوير أوسع، إذ اعتبر مسافرون أن الكراج لا يرقى بوضعه الحالي لأن يكون بمستوى "بوّابة العاصمة" للقادمين من المحافظات الأخرى، إذ تبقى هناك الكثير من المشكلات، مثل ضيق الممر بين مدخل الكراج والمكاتب، وقلة المقاعد المخصصة لانتظار المسافرين، ما يسبب ازدحامًا كبيرًا بين الموجودين وجلوس مسافرين على الأرصفة أو وقوفهم فترة طويلة. ومن المشكلات أيضًا، وجود أشخاص ينادون على الركاب بصوت مرتفع لإقناعهم بشركات معينة، وهو ما يخلق فوضى ويزعج المسافرين. كما اشتكى بعض الركاب من عدم وجود مواقف محددة لكل شركة، ما يدفعهم للبحث بأنفسهم عن أماكن وقوف الباصات، وأحيانًا يجدون أنفسهم أمام أماكن غير مناسبة.