مع بدء المرحلة الأولى من انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، يتجدد الجدل حول طبيعة هذا الانسحاب، وهل هو انسحاب كامل أم إعادة تموضع استراتيجي. في هذا السياق، تؤكد بغداد على جاهزية قواتها وقدرتها على حفظ الأمن وحماية الحدود، بينما تحذر واشنطن من خطر عودة تنظيم "داعش" من الأراضي السورية.
يسعى العراق إلى تحويل شراكته مع التحالف من التعاون العسكري إلى التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، مع وضع خطط أمنية طويلة الأمد لتجنب تكرار سيناريو عام 2014. وكانت بغداد وواشنطن قد توصلتا في وقت سابق من عام 2024 إلى تفاهم بشأن جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق على مرحلتين: الأولى تبدأ في أيلول/سبتمبر 2025 وتشمل بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين، والثانية في أيلول 2026 من مناطق كردستان العراق.
إعادة تموضع أم انسحاب؟
أفادت مصادر أمنية عراقية لـ"النهار" بأن "التحالف الدولي بدأ بالانسحاب من قاعدة عين الأسد في الأنبار، ومن قاعدة فكتوريا قرب مطار بغداد، ومن قيادة العمليات المشتركة، باتجاه سوريا وأربيل"، مع تقليل عدد القوات تدريجياً من حوالي 2000 إلى أقل من 500 جندي في أربيل. وأشارت المصادر إلى أن هذه التحركات تمثل "إعادة تموضع تحسباً لأي طارئ"، مع بقاء المدربين العسكريين الأجانب في البلاد. وأكدت المصادر وجود "خطة أمنية خمسية" لحماية الحدود العراقية مع سوريا، مشيرة إلى المخاطر المستمرة في البادية السورية ومناطق دير الزور والبوكمال المتاخمة للحدود العراقية. ولتأمين الحدود التي يزيد طولها على 600 كيلومتر، نصحت المصادر بـ"إيجاد تنسيق عالٍ مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي تسيطر على مناطق واسعة شرق الفرات، ومع السلطات في دمشق أيضاً".
وفقاً للمعلومات، يعتزم وفد أميركي رفيع المستوى زيارة بغداد قريباً لبحث ملف انسحاب القوات الأميركية من قواعده الرئيسة وتداعياته، بالإضافة إلى زيارة إقليم كردستان لمناقشة ملفات أمنية وسياسية واقتصادية.
واشنطن قلقة
في ظل تعثر محادثات الحكومة السورية الجديدة مع "قسد" للانضمام إلى قوات وزارة الدفاع، اعتبر وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي أن "بقاء قوات التحالف الدولي ضد داعش في الأراضي السورية أمر مطلوب"، مؤكداً أن أمن العراق جزء لا يتجزأ من أمن سوريا. وكانت السفارة الأميركية في بغداد قد أعربت عن "قلق عميق" إزاء العمليات المستمرة والتوسعات الإقليمية لتنظيمي "داعش" و"القاعدة".
الحاجة إلى الدعم الدولي
أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، لـ"النهار"، أن الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة "نصت على انسحاب كامل" للقوات الأجنبية، مرجحاً "أن يكون الانسحاب النهائي نهاية العام الجاري". وأشار إلى أن الحاجة اليوم تتركز على الدعم الدولي في مجال التسليح والتجهيز الدفاعي المتطور، مع أمل تحويل العلاقة مع التحالف إلى تعاون اقتصادي وتجاري ودبلوماسي.
خطط استراتيجية
أكد رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء تحسين الخفاجي أن الحدود العراقية–السورية لم تعد كما كانت عام 2014، وأنه جرى تحصينها منذ عام 2017. وأشار إلى أن القوات العراقية باتت أكثر خبرة وتجهيزاً، وتمتلك تنسيقاً عالياً وخططاً استراتيجية بعيدة المدى.