عنب بلدي – رغد عثمان
عقدت لجنة الحكام الرئيسة باتحاد كرة القدم، في 19 من آب الحالي، ورشة عمل مخصصة لمقيّمي الحكام الدوليين، بهدف شرح التعديلات الجديدة في قانون كرة القدم لموسمي 2025-2026، وتوضيح آلية تقييم أداء الحكام خلال المباريات.
شهدت الورشة حضورًا واسعًا من المقيّمين المعتمدين، وأقيمت في قاعة الاجتماعات بمقر الاتحاد في مدينة “الفيحاء” الرياضية.
آلية التقييم
أكد المحاضر الآسيوي زكريا قناة، في حديثه لعنب بلدي، أن رياضة كرة القدم تشهد تعديلات مستمرة، خاصة في السنوات الست الأخيرة، بالإضافة إلى تغييرات في لوائح لجنة التحكيم. وأشار إلى أن امتلاك الحكم لسيرة ذاتية قوية أو كونه حكمًا دوليًا سابقًا، حتى لو شارك في كأس العالم، لا يكفي وحده، بل يجب عليه متابعة المستجدات بشكل دائم ليتمكن المقيّم من تقديم الفائدة المرجوة، وأن يمتلك خبرة ومعرفة تفوق الحكم الذي يقوم بتقييمه.
أوضح قناة أن آلية التقييم تعتمد على معايير دولية معتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الآسيوي، وأن هذه الدورة تأتي كمحطة تحضيرية لتطوير آلية عمل المقيّمين وفق أحدث المعايير الدولية. يتم تعريف المقيّمين بهذه المعايير من خلال محاضرات نظرية وتدريبات عملية مدعومة بأمثلة وفيديوهات تطبيقية، لتمكينهم من تقييم الحالات التحكيمية بدقة، وعلى هذا الأساس يتم تصنيفهم وفق درجات محددة.
وأضاف قناة أن الدورة شهدت مشاركة حكام دوليين متقاعدين وحكام من الدرجة الأولى، سبق لهم تقييم مباريات الدوري السوري، وجرى استدعاؤهم للخضوع لاختبارات وتصنيفات دقيقة، وبناء على النتائج سيتم اعتماد بعضهم كمقيّمين بدرجة ممتازة وآخرين كمقيّمين من الدرجة الأولى، مع متابعة مستمرة لعملهم وتطوير أدائهم ودعمهم.
رفع سوية التحكيم المحلي
أوضح محمد قادري، عضو لجنة الحكام الرئيسة في اتحاد كرة القدم، لعنب بلدي أن الهدف من إقامة دورة مخصصة لمقيّمي الحكام هو رفع مستوى الأداء، والانتقال من أسلوب التحكيم الكلاسيكي إلى التحكيم العصري الحديث، بالإضافة إلى الفائدة الكبيرة التي يحصل عليها المقيّمون، إذ تساعدهم هذه الورشة على تحديث معلوماتهم والارتقاء بمستواهم.
وعن شروط التأهل كمقيّم، أوضح قادري أنه بعد أن ينهي الحكم مسيرته في الملاعب يمكنه الالتحاق بدورات إعداد المقيّمين، ودورات رفع السوية التحكيمية، لينتقل من كونه حكمًا إلى مقيّم معتمد. وأشار إلى أن سوريا تمتلك خبرات مميزة، إذ لديها حكام دوليون أصبحوا مقيّمين، وحكمان آسيويان معتمدان، أحدهما الكابتن زكريا قناة. وتابع أن آلية عمل الدورة اعتمدت أسلوبًا يقوم على العرض الأولي للحالة، ثم مناقشتها بالتفصيل، قبل الانتقال إلى الاختبار العملي الذي يوضح النقلة النوعية ويقيس الأثر عند المقيّم.
وحول الآلية المعتمدة لتنظيم الورشة، أوضح قادري أن الأجندة تضمنت جولة تفقدية، ثم كلمات ترحيبية، تلتها اختبارات قبلية، ومن ثم المحاضرات النظرية، قبل الانتقال للاختبارات النهائية، كما قدمت شرحًا حول نموذج تقارير المقيّمين، بالإضافة إلى التعديلات الأخيرة على القانون. وكشف قادري عن استمرار الخطة التدريبية للمستقبل، إذ إنهم بدؤوا بدورات متواصلة سواء عبر “الزوم” أو بشكل فيزيائي، وخلال الفترة المقبلة ستكون هناك أيضًا دورات خاصة بالحكام، مع تحديثات وشرح وافٍ للتعديلات الجديدة على قانون كرة القدم لموسمي 2025-2026.
نحو تحكيم عصري
أكد محمد ثابت شعبو، رئيس لجنة الحكام في حلب، لعنب بلدي، أن المحاضرة الأخيرة الخاصة بتطوير التحكيم كانت “ذات فائدة كبيرة”، مشيرًا إلى أنها أبرزت حجم التطور الحاصل في اللعبة. ويرى شعبو أن الهدف الأساسي هو إعداد “مُقيّم قوي” قادر على صناعة حكم متمكن في المستقبل، لافتًا إلى أن المقيّم يلعب دورًا محوريًا من خلال تحليل الحالات وشرحها ونقل خبرته إلى الحكام، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على تطوير كرة القدم، “فالتحكيم عنصر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في أي عملية تطوير كروي”، بحسب تعبيره.
وعن أهمية تنظيم دورات خاصة بمقيّمي الحكام، قال شعبو إنهم يسعون لبناء كرة قدم في بلد ينهض من جديد، ويجب أن تواكب اللعبة العصر الحديث، وهذه الدورات تشكّل حلقة متكاملة مع جهود المدربين واللاعبين لتحقيق الهدف المنشود. كما أن التحكيم في سوريا يُعلّق عليه الجميع آمالًا كبيرة، ويتمنى أن ينال مكانته الحقيقية كما هو الحال في الخارج.
وخلصت الورشة إلى أن تطوير التحكيم السوري يبدأ من رفع كفاءة المقيّمين، ليكونوا قادرين على مواكبة التطورات الدولية ونقل خبراتهم للحكام، بما ينعكس إيجابًا على مستوى المباريات محليًا، ويعزز حضور الكرة السورية في الساحة الآسيوية.
الفرق بين الحكم والمقيّم
يشكل كل من الحكم والمقيّم ركيزتين أساسيتين في هيكل التحكيم، لكن لكل منهما وظيفة مختلفة، فالحكم مسؤول عن إدارة المباراة داخل أرضية الملعب، ويتحمل مهمة تطبيق قوانين اللعبة واتخاذ القرارات في اللحظة المناسبة. أما المقيّم فهو جهة رقابية وفنيّة تعنى بمتابعة أداء الحكم وتحليله، بالإضافة إلى تقييمه بشكل شامل مبني على معايير دولية معتمدة، وهو ما يجعل أغلبية المقيّمين من الحكام الدوليين المعتزلين يخضعون لتأهيل متخصص قبل اعتمادهم رسميًا.