صرح مدير مديرية الحراج في وزارة الزراعة، مجد سليمان، لصحيفة "الحرية" بأن حوالي 206 حريقًا اندلع في المواقع الحراجية والزراعية، مما أدى إلى تضرر مساحة تقدر بـ 317260 دونمًا. وأوضح سليمان أن حرائق الغابات المتوسطية ظاهرة طبيعية تحدث في جميع دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وتختلف شدتها تبعًا لتوقيت حدوثها والظروف المناخية المصاحبة لها، مثل ارتفاع درجات الحرارة وسرعة الرياح واتجاهها، بالإضافة إلى طبيعة الموقع الطبوغرافية والغطاء النباتي (عريضات الأوراق والأنواع الصنوبرية) وكثافة الغطاء النباتي، والممارسات البشرية غير المستدامة، والتحريق الزراعي، والسياحة العشوائية، وخطوط الشبكة الكهربائية.
وأكد سليمان أن معظم الغطاء النباتي المحروق يتكون من الصنوبريات (الصنوبر البروتي) والسنديانيات وبعض عريضات الأوراق، بالإضافة إلى أشجار مثمرة مثل الزيتون واللوزيات والتفاح والرمان. أما بالنسبة للحيوانات المتضررة، فهي الغزلان والأرانب والثعالب والخنازير والسلاحف والطيور وغيرها.
تكرار حدوث الحرائق
فيما يتعلق بتكرار نشوب الحرائق في أماكن ومحافظات معينة، أوضح سليمان أن ذلك يعود إلى طبيعة الغطاء النباتي في هذه المحافظات، حيث تسود فيها الأنواع الصنوبرية. وأشار إلى أن الشريط الساحلي في سوريا يضم معظم الأحراج، وغالبيتها من الأنواع الصنوبرية الحساسة للحريق، مما يجعلها أكثر عرضة لحدوث الحرائق.
وعن دور حراس الحراج في حماية المواقع الحراجية، ذكر أنهم يقومون بمراقبة هذه المواقع لمنع التعديات عليها، لكن عدد الحراس وأفراد الضابطة الحراجية غير كافٍ. وشدد على ضرورة وعي المجتمع المحلي بخطورة اندلاع الحرائق والتزام الفلاحين بالشروط الفنية أثناء تنفيذ عمليات حرق المخلفات الزراعية ضمن الأراضي الزراعية.
خسائر اقتصادية وبيئية
أوضح سليمان أن الغابات تلعب دورًا أساسيًا في التصدي والتكيف مع ظاهرة التغيرات المناخية، وأن فقدان الغطاء الحراجي سيؤدي إلى ازدياد ظاهرة الاحتباس الحراري ونسبة الغازات الدفيئة في الجو، مما ينعكس سلبًا على الإنتاج الزراعي. وأضاف أن الغابات تضطلع بالعديد من الوظائف الحيوية البيئية، فهي تعتبر إحدى أهم مصارف الكربون وتحتوي على 75% من مستجمعات المياه العذبة في العالم، وتضم ما بين 65 إلى 80% من مكونات التنوع الحيوي، وتشكل ما نسبته 75% من مصادر النباتات الطبية والعطرية التي تدخل في الصناعات الدوائية. وأشار إلى أن خسارة الغابات تعني خسارة خدماتها البيئية والاقتصادية والحيوية، وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري وانجراف التربة وفقد موائل الكائنات الحية واختلال في السلسلة الغذائية.
مشروع تعديل قانون الحراج
أجاب سليمان بأنه صدر قانون الحراج رقم 39 في عام 2023، وهو قانون حديث صدر بعد سلسلة من ورشات العمل التي تم تنظيمها في العديد من المحافظات بمشاركة الجهات الحكومية المعنية وممثلي المجتمع المحلي، وحاليًا هو التشريع الناظم لعمل مديرية الحراج، منوهًا بأنه يجري العمل حاليًا على إعداد صياغة مشروع تعديل لهذا القانون بما يخدم المرحلة الحالية بعد التحرير وقد تم وضع المسودة النهائية تمهيدًا لصدورها من السيد الرئيس.
وأضاف سليمان أن الدراسات العلمية تشير إلى أن الغطاء النباتي في المواقع المحروقة يعود بشكل سريع نسبيًا إلى وضعه الأولي قبل الحريق دون تدخل بشري، ولكن تتوقف عودة الغطاء النباتي على عدة عوامل منها شدة وتكرار الحريق في نفس الموقع، طبيعة التركيبة النباتية للمجموعة الحراجية في الموقع. وتعتمد قدرة النظام البيئي الحراجي على استعادة عافيته بعد حدوث الحريق على درجة شدة هذا الحريق، مؤكدًا أن الوزارة تعمل في هذا الإطار على تطبيق الحماية الكاملة على المواقع التي تعرضت لحرائق متوسطة الشدة، وتطبيق الحماية على المواقع التي تعرضت لحريق عالي الشدة مع التدخل بنثر البذور للأنواع السائدة في هذه الموقع.
وكشف أن الوزارة تعمل على دراسة هذه المواقع من خلال لجان تضم فنيين واختصاصيين من كافة الجهات لتحديد آلية التدخل في المواقع المحروقة وذلك استناداً للطبيعية الطبوغرافية للموقع وطبيعية الغطاء النباتي وشدة الحريق حيث تقوم هذه اللجان باقتراح أساليب التدخل المناسبة من حماية للموقع وعدم التدخل أو التدخل بطرق تحريج تضمن إعادة الغطاء النباتي إلى سابق عهده في الموقع، وبما يضمن عدم انجراف التربة.
صعوبات
ذكر سليمان أن مديرية الحراج تواجه عددًا من الصعوبات في السيطرة على الحرائق، منها ما هو طبيعي يتمثل في الظروف المناخية من حرارة ورياح وطبيعة جغرافية وعرة في مناطق الحريق، ومنها ما هو لوجستي يتعلق بضعف الإمكانات المتاحة من عدم وجود طائرات متخصصة في الحرائق ودرونات مراقبة وقدم الصهاريج المخصصة لإطفاء الحرائق وعدم كفايتها، وخروج عدد كبير عن العمل من أبراج المراقبة ومراكز حماية الغابات، ونقص في الوقود، وفي خراطيم الإطفاء ومعدات الإطفاء الفردية، إضافة إلى عدم كفاية عدد عمال الإطفاء وطبيعة تعيينهم كعمال موسمين.
وختم سليمان بالقول إنطلاقاً مما ورد في قانون الحراج رقم /39/ لعام 2023 أن الحراج هي ثروة وطنية ومسؤولية حمايتها تقع على عاتق جميع الجهات والمؤسسات الحكومية المختلفة وهيئات المجتمع المدني، وفي الواقع ومن خلال الحرائق التي حدثت في ريفي اللاذقية وحماه في الفترة الحالية نجد تضافر عالي المستوى بين الجهود كافة من مجتمع محلي ومؤسسات حكومية ممثلة بوزارت الطوارئ والكوارث والزراعة والإدارة المحلية والبيئة حيث قامت كل جهة بما يتوفر لديها من إمكانيات وخبرات في مجال اطفاء حرائق الغابات في السيطرة على الحرائق من خلال تقسيم هذه المواقع المحروقة إلى عدة قطاعات تقوم كل جهة من الجهات بمتابعة إخماد الحرائق فيها.
أخبار سوريا الوطن١-الحرية