الجمعة, 15 أغسطس 2025 02:10 AM

تصريحات نتنياهو: بين الرسائل الروحانية والنوايا التوسعية وتداعياتها على المنطقة

تصريحات نتنياهو: بين الرسائل الروحانية والنوايا التوسعية وتداعياتها على المنطقة

تعكس تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دعمه لما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، وهو البعد الأيديولوجي لحكومته، حيث يقدمها كرسالة "تاريخية وروحانية" تتوارثها الأجيال. هذا الإعلان، الذي قد يبدو للبعض تكراراً لأطروحات صهيونية قديمة، يحمل في طياته مؤشرات سياسية وقانونية هامة.

إن خطاب نتنياهو ليس جديداً في الفكر الصهيوني، بل هو إعادة إنتاج لخطاب قادة الحركة الصهيونية الأوائل، مثل حاييم وايزمن وديفيد بن غوريون، الذين تبنوا سرديات توراتية لتبرير مشروع توسعي. "إسرائيل الكبرى" كانت ولا تزال جزءاً من الخيال السياسي الصهيوني، ولكنها اليوم تُطرح في سياق أكثر خطورة، في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة ترى في القوة العسكرية وسيلة لفرض الأمر الواقع.

الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة (1945) نص بوضوح على حفظ السلم والأمن الدوليين، ومنع الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة. كما أكد إعلان الأمم المتحدة لعام 1960 بشأن منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، وخاصة في مادته السادسة، على رفض أي شكل من أشكال الاحتلال أو التوسع. وعليه، فإن تصريحات نتنياهو تمثل خرقاً لهذه المبادئ، وتكشف عن تجاهل متعمد للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

إن إطلاق هذه التصريحات في ظل استمرار العدوان على غزة والضفة الغربية، ومع تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل، يشير إلى محاولة داخلية لحشد القاعدة اليمينية المتطرفة، وتصدير الأزمة السياسية الداخلية عبر تصعيد خارجي. إلا أن هذا النهج يزيد من عزلة إسرائيل الدولية، ويضعها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي وحتى مع حلفاء تقليديين.

ما يطرحه نتنياهو ليس مجرد رؤية سياسية، بل خطة ذات تبعات أمنية خطيرة على المنطقة. فتبني خطاباً توسعياً يقوم على الفصل والتمييز العنصري من شأنه أن يغذي دوامات العنف، ويهدد الأمن القومي العربي، ويقوض أي فرص لتسوية سلمية عادلة.

وعليه، فإن هذه التصريحات تستدعي موقفاً دولياً واضحاً لا يكتفي بالإدانة اللفظية، بل يربط أي تعامل سياسي أو اقتصادي مع إسرائيل بمدى التزامها بالقانون الدولي. كما يتطلب الأمر تحركاً عربياً وإسلامياً موحداً لمواجهة المشروع التوسعي الذي يهدد استقرار المنطقة برمتها.

ما صرح به نتنياهو ليس زلة لسان، بل تعبير صريح عن مشروع سياسي وأمني يتناقض جذرياً مع مبادئ القانون الدولي، ويكشف عن عقلية استعمارية متجذرة.

الوطن

مشاركة المقال: