الخميس, 14 أغسطس 2025 11:49 AM

اجتماع عمّان: الأردن يسعى لدور أمريكي رادع لإسرائيل في سوريا وملف إعادة الإعمار يتصدر المحادثات

اجتماع عمّان: الأردن يسعى لدور أمريكي رادع لإسرائيل في سوريا وملف إعادة الإعمار يتصدر المحادثات

يواصل الأردن جهوده الحثيثة لدعم الاستقرار في سوريا، مع طموحه للعب دور محوري في إعادة إعمارها. تجسد ذلك في الاجتماع الثلاثي الذي استضافته عمّان يوم أمس الثلاثاء، وجمع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، والمبعوث الأميركي توم برّاك.

ذكر مصدر مطلع لـ"النهار" أن الأردن أعرب عن قلقه إزاء "المواقف والإجراءات الإسرائيلية" في محافظة السويداء، خشيةً من "مفاجآت أمنية أو عسكرية إسرائيلية" قد تعرقل جهود الاستقرار، خاصةً ما يتعلق بـ"محاولة التقسيم وإشاعة الفوضى أو احتلال مناطق سورية".

أكد المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الأردن وسوريا طالبا من برّاك أن تتعامل الولايات المتحدة مع إسرائيل "بشكل أكثر جدية وحزم"، مشددين على أن "الدور الإسرائيلي بشأن السويداء تحديداً من شأنه أن يخلط الأوراق ويعيد سوريا إلى مربع الانفلات ويمنح القوة للتطرف".

وفيما يتعلق بملف إعادة الإعمار، أشار المصدر إلى أن الأردن يخشى "أن يخسر فرصة ذهبية لصالح دول إقليمية أخرى تنافسه في الملف، ويريد أن يكثف حراكه خشية اختطاف دوره".

من جانبه، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة لـ"النهار" إن الاجتماع الثلاثي يمثل "إحدى المحاولات الأردنية الرامية لمساعدة الدولة السورية على مواجهة أزماتها وتحدياتها الداخلية".

وأضاف أن "الدولة السورية اليوم تواجه أزمات وتحديات داخلية، إضافة إلى محاولات نشر فكر الانقسام والتقسيم لسوريا. وهذا ما يرفضه الأردن بشكل قاطع، فالدولة الأردنية هي بطبيعتها دولة موحدة وضد أي شكل من أشكال التقسيم، وكذلك الدولة السورية ترفض التقسيم بأي صيغة كانت".

وحذر المعايطة من "خطورة في المشروع الإسرائيلي"، موضحاً أن "الإسرائيليين يحاولون تقديم أنفسهم كوكلاء ومدافعين عن أهل السويداء، بينما في الواقع هناك تحرك إسرائيلي داخلي ومحاولة لفتح الأبواب أمام مشروع تقسيم، والسعي لدخول الإسرائيليين عسكرياً إلى مناطق في سوريا تحت عنوان ما يُعرف بمشروع ممر داود، وهو يمتد من مناطق الحدود السورية مع إسرائيل إلى السويداء، ثم إلى الحدود مع الأكراد، وصولاً إلى الحدود السورية – العراقية، ما يشكل تهديداً استراتيجياً لجنوب وشرق سوريا وعلى حدودنا الشمالية".

وأشار إلى أن "هذا أمر خطير يفتح الأبواب لأفكار ومشاريع تقسيم، إضافة إلى أن الأردن في هذا الملف يسعى لمنع أي دخول إسرائيلي إلى الأراضي السورية، إذ يعتبر أن هذا الدخول يشكل مصدر قلق كبير، لأنه سيكون على تماس مباشر مع حدودنا الشمالية والشرقية مع سوريا، شرقاً وجنوباً"، مضيفا أن "الدور الأميركي اليوم يردع الإسرائيليين عن محاولات الدخول العسكري، مقابل مفاوضات سورية – إسرائيلية، وهو ما لمسناه من خلال جولات جرت في الفترات الماضية، في حين يسعى الأردن دائماً للإبقاء على هذا الدعم الأميركي في سوريا، لضمان استمرار الردع الأميركي لإسرائيل".

وأوضح المعايطة أن "الأمر كان مقلقاً ومزعجاً للأردن، ولهذا لاحظنا الشهر الماضي تحركاً عسكرياً أردنياً مكثفاً على الحدود، في رسالة واضحة حول جدية وخطورة الأمر، وبعد ذلك جاء الجهد الأردني بالتعاون مع الأميركيين والأتراك للوصول إلى مشروع وقف إطلاق النار في السويداء. أما الاجتماع الثلاثي فيُعد محاولة أردنية لاستكمال وقف إطلاق النار وفتح أبواب حل الإشكالات التاريخية بين السويداء والدولة السورية".

وفي سياق متصل، يرى رئيس جمعية سيدات ورجال الأعمال الأردنيين المغتربين فادي المجالي، أن "الأردن أمام فرصة لا تعوض في ظل تحديات هيكلية يواجهها الاقتصاد الأردني تتطلب روافع جديدة للنمو. وهنا تبرز سوريا ما بعد الحرب كمساحة واعدة لتفعيل قطاعاتنا الإنتاجية والخدمية، وفتح أسواق جديدة للصادرات الأردنية، خصوصاً في مجالات المواد الإنشائية، الأدوية، المعدات، والخدمات الهندسية".

وأضاف المجالي لـ"النهار" أن "الأردن حافظ طيلة السنوات الماضية على موقف متوازن من الأزمة السورية، ونجح في بناء جسور سياسية مع جميع الأطراف وهذا الموقع الوسط يجب أن يتحول اليوم إلى موقع قيادة اقتصادية عبر دعم دخول الشركات الأردنية إلى مشروعات الإعمار، وتمثيل الأردن في المؤتمرات الدولية ذات الصلة كمساهم وشريك، لا كمراقب، وتعزيز التكامل مع الشركاء السوريين في قطاعات المقاولات، الكهرباء، الاتصالات، والطاقة المتجددة".

واستذكر "أخطاء الماضي في تجربة إعادة إعمار العراق التي انطلقت بشعارات كبيرة ومؤتمرات إعلامية صاخبة، ولم تُحقق المأمول بسبب غياب التخطيط، وترك الملف بيد المجاملات البروتوكولية"، مشدداً على "ضرورة التعلم من تلك الأخطاء".

وحتى لا تكرر تلك الأخطاء من وجهة نظر المجالي، فإنه "يجب أن تقوم مشاركة الأردن على أسس استراتيجية واضحة، تبدأ من تحديد الأولويات والقطاعات المطلوبة في السوق السورية، مثل البنية التحتية والمياه، والإسكان والمدن الذكية، والصحة والتعليم، والخدمات اللوجستية والطاقة".

مشاركة المقال: