الخميس, 7 أغسطس 2025 10:43 PM

أمريكا تشجع إسرائيل على المضي قدماً في خططها تجاه غزة رغم التحذيرات

أمريكا تشجع إسرائيل على المضي قدماً في خططها تجاه غزة رغم التحذيرات

في ظل التقارير المتزايدة عن اجتماع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اليوم لمناقشة خطة تهدف إلى احتلال كامل قطاع غزة، تتضح حقيقة الدعم الأمريكي الكامل لخطط تل أبيب، بما في ذلك تهجير الفلسطينيين والقضاء على أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يعتبره العديد من المراقبين الغربيين الحل الوحيد لإخراج إسرائيل من مأزقها الاستراتيجي.

عندما سئل دونالد ترامب عن قرار إسرائيل المحتمل باحتلال القطاع، رفض الإعلان عما إذا كان يؤيد أو يعارض هذه الخطوة، مؤكداً أن الأمر متروك لإسرائيل إلى حد كبير وأن إدارته تركز على زيادة فرص إدخال الغذاء إلى القطاع. بالتزامن مع ذلك، بحث المبعوث الخاص ستيف ويتكوف وترامب خططاً لزيادة دور واشنطن في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة، وأكد مسؤول إسرائيلي لموقع «أكسيوس» أن بنيامين نتنياهو أثار مع ويتكوف ومع البيت الأبيض احتمال توسيع نطاق الحرب في القطاع. ورغم أن هذه الخطوة ستزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، إلا أن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن خططهم تتفق تماماً مع ما تتطلع إليه واشنطن.

في إشارة إلى استمرار معارضة أي حل للقضية الفلسطينية، هاجم ترامب كندا على خلفية اعترافها بدولة فلسطينية، مسخراً سياسات بلاده الاقتصادية لدعم إسرائيل. وأرسل ترامب مبعوثه ويتكوف إلى إسرائيل للتغطية على ما ترتكبه الأخيرة من تجويع بحق الفلسطينيين، وأعد جولة جديدة من العقوبات على السلطة الفلسطينية، معلناً أن الاعتراف بدولة فلسطينية يعادل «منح (حماس) النصر».

تتجاهل المواقف الأميركية – الإسرائيلية التحذيرات الغربية والإسرائيلية من المضي قدماً في خطط السيطرة على غزة. ومن بين هذه التحذيرات رسالة مفتوحة من نحو ستمائة مسؤول أمني إسرائيلي سابق، بمن فيهم مديرون سابقون للجيش و«الموساد»، يدعون فيها ترامب إلى توجيه نتنياهو بإنهاء الحرب و«إعادة الرهائن إلى الوطن». كما ناشدت حكومات أجنبية إسرائيل إنهاء الحرب، مشيرة إلى تزايد المجاعة في غزة، فيما قامت ست دول بإسقاط المواد الغذائية جواً على القطاع.

مع استمرار الإبادة في غزة، يتحدث بعض المحللين الغربيين عن «أساسات» واقعية لعملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر. وفي هذا السياق، نشرت مجلة «فورين أفيرز» الأميركية تقريراً جاء فيه أنه بعد مرور أكثر من 22 شهراً على إطلاق الجيش الإسرائيلي حملة لتدمير «حماس»، لا تزال إسرائيل تفتقر إلى أي نهاية سياسية محددة. وأضافت المجلة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير قادرة على تغيير نهجها، رغم أن هدفها العسكري الرئيس، أي تفكيك البنية التحتية الإرهابية لـ«حماس»، قد تحقق إلى حد كبير. إن غياب أي رؤية إسرائيلية طويلة الأمد قد ترك إسرائيل وغزة والمنطقة ككل في حالة فوضى طويلة الأمد.

يرى أصحاب الرأي المتقدم أن «مذبحة السابع من أكتوبر لم تكن مجرد عمل إرهابي همجي»، بل بعثت برسالة سياسية متعمدة، تتحدى بشكل مباشر مبدأ «إدارة الصراع» الذي حدد سياسة إسرائيل في عهد بنيامين نتنياهو لأكثر من عقد من الزمن. وكانت أيضاً بمثابة «توبيخ» لافتراضات الولايات المتحدة بأن الدول العربية ستمضي قدماً في تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل دون بذل أي جهود جادة لحل «الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني»، قبل أن يتحطم هذا الوهم في خريف عام 2023.

ارتكزت «اتفاقيات أبراهام» مع عدد من الدول العربية على اعتقاد خطير ومضلل بأن القضية الفلسطينية لم تعد ذات أهمية في المنطقة، وأنه من الممكن التوصل إلى المزيد من اتفاقيات التطبيع مع تجاوز التطلعات الفلسطينية حول تقرير المصير. وقد شجع هذا الخطأ الاستراتيجي إسرائيل على تعميق سيطرتها على الضفة الغربية، عبر التوسع الاستيطاني وتجريد المجتمعات الفلسطينية من ممتلكاتها، وإضعاف السلطة الفلسطينية، مما أتاح لـ«حماس» ملء الفراغ السياسي في غزة بشكل أكبر وتهميش السلطة الفلسطينية المتعثرة، وتصوير نفسها على أنها المدافع الوحيد عن الحقوق الفلسطينية.

في أيلول عام 2023، كشف الرئيس السابق، جو بايدن، النقاب عن ممر الهند – الشرق الأوسط، وهو خطة اقتصادية طموحة لربط الهند بأوروبا عبر إسرائيل والأردن والسعودية والإمارات، كان من المفترض أن تُطبق كثقل استراتيجي موازن لمبادرة «الحزام والطريق الصينية»، من شأنه تهميش الفلسطينيين بوضوح. وبالنسبة إلى «حماس»، وخاصة زعيمها الراحل يحيى السنوار، فإن الممر المقترح مثّل خيانة من جانب الزعماء العرب والجهات الفاعلة الدولية، فيما بات من الواضح حالياً أن الخطة التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية كانت عاملاً محورياً في قرار السنوار شن هجوم السابع من أكتوبر.

استذكرت «فورين أفيرز»، حديث الشيخ أحمد ياسين، مؤسس «حماس»، في مقابلة أجريت معه عام 1997، عندما سؤل عما قد يمنع إنشاء دولة إسلامية موحدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، ليجيب: «الشيء الوحيد الذي أخشاه هو الواقع الذي يعتقد فيه الفلسطينيون أن اليهود سيسمحون بوجود دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل»، في اعتراف يكشف عن حقيقة جوهرية، وهي أن قوة «حماس» تعتمد على «اليأس، وتزدهر في ظل غياب البدائل».

بالنتيجة، وبعد «نجاحاتها العسكرية»، تقف إسرائيل الآن عند تقاطع تاريخي، ذي مسارين؛ أحدهما، وهو الذي تسلكه حالياً، من شأنه أن يقودها نحو تآكل معاهدات السلام الحالية مع مصر والأردن، وتعميق الاستقطاب الداخلي، والعزلة الدولية، جنباً إلى جنب «تشجيع المزيد من التطرف في جميع أنحاء المنطقة، والمزيد من العنف الديني القومي من جانب المنظمات الجهادية العالمية التي تتغذى على الفوضى»، وتعزيز انخفاض الدعم بين صناع السياسات في الولايات المتحدة والمواطنين الأميركيين، وزيادة معاداة السامية في جميع أنحاء العالم.

أما في حال أرادت أن تسلك المسار الآخر، «والذي يعزز الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء ويعزز الاستقرار والازدهار في مختلف أنحاء الشرق الأوسط»، فيتعين على إسرائيل أن تتجه نحو اتفاق إقليمي يتضمن حلاً قابلاً للتطبيق على أساس وجود دولتين.

مشاركة المقال: