الإثنين, 10 نوفمبر 2025 02:41 PM

تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية: إسرائيل تخشى استعادة حزب الله لقوته وتلوح بحرب واسعة

تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية: إسرائيل تخشى استعادة حزب الله لقوته وتلوح بحرب واسعة

تتواصل التقارير الإعلامية الإسرائيلية المكثفة حول الوضع على الحدود مع لبنان، حيث ينشر الخبراء والإعلاميون والسياسيون تحليلات تتضمن معطيات منسوبة لمصادر في المؤسستين العسكرية والأمنية الإسرائيليتين. يشير العنصر المشترك في هذه التقارير إلى حالة من التوتر تنذر باتخاذ قرار كبير، وهو ما يتم الحديث عنه علنًا: شن حرب واسعة النطاق لتدمير حزب الله.

ذكرت قناة «كان» أن تل أبيب أبلغت الأجهزة الأمنية الأميركية بأن حزب الله نجح في تهريب مئات الصواريخ من سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، وأعاد تشغيل صواريخ ومنصات إطلاق تضررت خلال المعارك، بالإضافة إلى تجنيد آلاف العناصر الجدد.

وبحسب القناة نفسها، تواصل مسؤولون إسرائيليون مع الجيش اللبناني عبر الأميركيين، ونقلوا إليه رسالة حول استمرار الهجمات في لبنان، مفادها أن الجيش اللبناني لا يتصرف بالشكل الكافي ضد حزب الله، وطالبوا بنشاط ملحوظ في المناطق الريفية وعلى الممتلكات الخاصة، وإلا ستواصل إسرائيل هجومها بقوة.

وفي صحيفة «يديعوت أحرونوت»، كتب يوسي يهوشوع أن حزب الله يواصل إجراء التدريبات ونقل الأسلحة وإعادة بناء منظوماته الاقتصادية والعسكرية، وأحيانًا بعلم الجيش اللبناني. وأضاف أنه على الرغم من جهود نظام الرئيس أحمد الشرع لإحباط عمليات الشحن، إلا أن حزب الله تكيّف مع الواقع الجديد ويطوّر أسلحة بسيطة ورخيصة، كالطائرات المسيّرة، داخل بيروت.

وذكر الكاتب أن الاستخبارات الإسرائيلية رصدت نقل أسلحة وتدريبات ميدانية جديدة لحزب الله، بعضها يتم بتعاون من الجيش اللبناني، على امتداد 330 كيلومترًا من الجبال والوديان والطرق الخفية، مع 130 مسارًا غير رسمي وعدد لا يحصى من النقاط الميتة على الحدود مع سوريا، حيث لا سيطرة لجماعة الجولاني، بل تحكم الأرض عشائر قديمة وعائلات تجارية وحلفاء صامتون لحزب الله.

كما يسرّب العسكريون والأمنيون الإسرائيليون معلومات حول عمليات تهريب وتصنيع الأسلحة، ويتحدثون عن اختبارات ميدانية يقوم بها حزب الله، بينها إرسال مسيّرات، وعن علاقات نسجها حزب الله على مدى سنوات مع المهربين، ليس فقط بالمال، بل عبر المصاهرة والحماية والروابط الديبلوماسية الميدانية، لأن التهريب بالنسبة إليهم ليس مجرد تجارة، بل هوية وتقاليد. وأن حزب الله يعرف كل منعطف وكل قرية، وقد رعى المنطقة ودفع لرؤساء العشائر واستثمر في بنية التهريب التحتية، وتُنفَّذ معظم العمليات بواسطة مهربين محترفين، منهم سائقون يحملون وثائق قانونية أو تصاريح كمزارعين أو تجار.

من جهته، كتب رون بن بشاي في «يديعوت أحرونوت» أن ما تقوم به إسرائيل في هذه المرحلة يتعلق بالضغط على الحكومة اللبنانية بهدف تسريع العملية المتعثرة لتفكيك سلاح الحزب. وأضاف أن ما يقوم به الجيش ليس كافيًا، فهو لا يمنع جهود حزب الله من أجل إعادة تمركُزه في الميدان وإنتاج العتاد العسكري من خلال مصانع أسمنت وأنفاق. وأشار إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في سهل البقاع وشرق لبنان عمومًا، حيث يتم تهريب كميات صغيرة من الأسلحة والتقنيات التي تُنقل عبر مسارات برية سرية من إيران، عبر العراق، إلى قواعد حزب الله ومعسكراته التدريبية. وأكد أن إسرائيل تهاجم كل تهريب أو محاولة إعادة تعافٍ لحزب الله تعلم بوجودها، وأن لديها الكثير من المعلومات.

وفي سياق التقدير السياسي، كتب الجنرال السابق في الاستخبارات والمدير في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تامير هايمن عما أسماه «التطبيع مع لبنان ونزع سلاح حزب الله»، قائلًا إن ما قام به جيش الاحتلال أتاح للحكومة اللبنانية أن تطالب بنزع سلاح الحزب، لكن يجب فعل المزيد وبسرعة أكبر، لأن نافذة الفرصة في هذا السياق على وشك أن تغلق، كون إيران تسعى إلى إعادة بناء حزب الله. ويرى هايمن أنه متى استعاد حزب الله قوته من جديد، فسيتوقف مسار الحكومة اللبنانية، لذلك يجب تسريع الجهد باستخدام الرافعة الأميركية، وأن الجيش الأميركي يمكنه أن يدعم الجيش اللبناني ويرافق نزع سلاح حزب الله بإشراف ورقابة مشددة، بل وبمشاركة مباشرة إن لزم الأمر، لأنه أكثر فاعلية من عمل «اليونيفيل»، وأن يجري ذلك بالتزامن مع زيادة العمل الإسرائيلي بطريقة تتيح استثمار المسار السياسي.

وفي السياق ذاته، كتب الباحث أيال زيسر أن السؤال المطروح اليوم ليس ما إذا كان حزب الله سيجدد عملياته ضد إسرائيل، بل متى؟ وأضاف أنه في الحروب بين إسرائيل والعرب لا توجد انتصارات مطلقة أو حسم نهائي، وهكذا هو الحال مع إيران التي تستعد للجولة القادمة، و«حماس» التي بقيت المسيطر غير المنازع على القطاع. لكن في لبنان يوجد الإخفاق الكبير، حيث كان الجميع يعلم أنه لا يوجد أي احتمال أن يلتزم حزب الله بوقف الحرب. وبعد عام من النصر الكبير في لبنان، يتبين أن شيئًا لم يحدث وأن إنجازات الحرب آخذة بالتآكل. صحيح أن حزب الله يمتنع عن الرد على الضربات الإسرائيلية، ولكنه لا يفعل ذلك لأنه أصبح «محباً لصهيون»، بل من حساب بارد ورصين. وختم بأن إسرائيل تتباهى بالضربات التي تنزلها على المقاتلين الصغار، ولكنها عمليات موجهة إلى الرأي العام، وليست مصممة لإيذاء حزب الله بشكل مؤلم وصعب فعلاً. وتساءل عما إذا كان أحد يظن حقًا أن حزب الله، الذي يمتلك عشرات الآلاف من المسلحين، سيرفع يديه لمجرد أن إسرائيل قضت على 300 من أفراده في العام الماضي؟

ومع عودة الحديث عن أن العد التنازلي نحو مواجهة جديدة على حدود لبنان قد بدأ، نشرت «يديعوت أحرونوت» تقريرًا فيه أن هناك انقسامًا في الرأي داخل إسرائيل حول استخدام «العصا الغليظة». يرى البعض أنه يجب استخدامها، بينما يرى آخرون أن الهجمات بصيغتها الحالية مناسبة لكسب الدعم الدولي، حيث يتم القضاء على تراكم الأسلحة، حتى وإن لم يكن ذلك مثاليًا.

لكن ميخال هراري كتب في «معاريف» أنه في المرحلة الحالية، يبدو أن القدس وواشنطن اختارتا المضي في خيار زيادة الضغط على بيروت، فإسرائيل تُكثّف من إجراءاتها العسكرية والسياسية، ولا تُبدي أي استعداد لاتخاذ خطوات قد تُساعد الحكومة اللبنانية على كسب الوقت، مثل الانسحاب الجزئي أو الكامل من المواقع الخمسة في جنوب لبنان، وأن الولايات المتحدة تُؤيد هذا النهج.

ويلفت الكاتب إلى النقاش القائم داخل الكيان حول كيفية التعامل مع حزب الله، وأنه في مقابل من يدعم مواصلة الضغط العسكري والسياسي القائم، فهناك خيار آخر يدعو إلى توسيع نطاق القتال، كون حزب الله وإيران في أضعف حالاتهما، والتصعيد الكبير سيكون الوسيلة الأسرع للدفع نحو التحرك المطلوب.

من جانبه، كتب آفي أشكنازي في «معاريف» عن أن الجيش يستعد لليوم الذي قد يطالب فيه بشن عملية واسعة ومكثفة ضد حزب الله. وأن قائمة الأهداف المحتملة واسعة وتشمل على سبيل المثال، أبراج كمدينة غزة، قواعد أو مراكز للعملية في الضاحية الجنوبية لبيروت، البنى التحتية لحزب الله في سهل البقاع وجنوب لبنان، وخطوط الدفاع شمال الليطاني.

وينقل الكاتب عن ضباط في القيادة الشمالية أن حزب الله يختبر وينقّب عن نقاط الضعف في دفاعات الجيش الإسرائيلي. وقبل مدة، حلّقت مسيّرات فوق منطقة مزارع شبعا فأسقطها الجيش، وفي حادث آخر اقترب مزارعون إلى بساتين قرب الحدود لجني الزيتون، والجيش أبعدهم كونه يعتبر أن هذه الحوادث جزء من محاولات فحص واختبار.

مشاركة المقال: