أثار سليمان خليل تساؤلاً هاماً حول وضع الزراعة في سوريا، وذلك بعد استطلاع آراء عدد من الفلاحين والمزارعين خلال جولة ريفية. كانت الإجابات في معظمها سلبية، سواء بالقول أو بالإيماءات المعبرة عن التعب والضيق.
على الرغم من أننا نسمع دائماً عبارة "سورية بلد زراعي"، إلا أن الواقع يشير إلى أن البلاد لا تزال بعيدة عن تحقيق الريادة الزراعية التي تتناسب مع مقوماتها الطبيعية، وتنوع مناخها، وإرثها الشعبي المحب للأرض.
عاماً بعد عام، تتراجع معدلات الإنتاج الزراعي، وأصبح من النادر تحقيق موسم وفير يحقق الاكتفاء الذاتي والتصدير، خاصة في المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والزيتون والقطن. هذا العام، وصلت معدلات الانخفاض إلى مستويات غير مسبوقة، مما يدق ناقوس الخطر بشأن تدبير الأحوال وزيادة الأعباء المالية والاقتصادية على الأسر والمجتمع. الأرقام الرسمية التي بدأت تظهر في هذا الشأن غير مطمئنة.
لا يمكن إنكار الظروف المناخية الصعبة التي تواجه البلاد، بدءاً من النقص الحاد في هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة في فترات الإزهار، والجفاف، بالإضافة إلى موجة الحرائق التي طالت مساحات واسعة، وعمليات التحطيب والقلع وتغيير نوع المزروعات. يضاف إلى ذلك انحسار كبير ومقلق في توفر المياه والسقاية، وصل إلى حد متدهور في بعض المناطق.
في المقابل، هناك حاجة ماسة لدعم الفلاح والقطاع الزراعي، حيث أصبحت مستلزمات الإنتاج والحياة الزراعية مكلفة ومرهقة للغاية، بدءاً من وسائل الزراعة الميكانيكية، وتوفير المياه والوقود والأسمدة والمبيدات، ومستلزمات الحقول أو البيوت البلاستيكية، وأجور اليد العاملة، وصولاً إلى التسويق وتكاليف النقل وغيرها الكثير. هذا الأمر أدى إلى عزوف الفلاحين عن زيادة مساحات الأراضي الزراعية، وتوقف بعضهم أو اكتفوا بأنواع معينة من المحاصيل على حساب أخرى، أو بإنتاج شبه مقبول في ظل الظروف الراهنة.
الهدف الذي نسعى إليه جميعاً هو ألا نصل إلى مرحلة نتساءل فيها عما إذا كانت الزراعة بخير أم لا، بل يجب أن تكون الزراعة من ضمن الأولويات والمسلمات التي لا تتردد الدولة في دعمها. هذا يتطلب بحثاً طويلاً يجب على أصحاب القرار والمهتمين منحه كل الوقت والاهتمام والدعم للوصول إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع. ندعو كافة المؤسسات والهيئات والجهات الحكومية والخاصة والأهلية، وحتى الفلاح والتاجر وكل الحلقات المتعلقة بهذا الشأن، إلى التعاون والتنسيق وتقديم كل الدعم والمساندة.
كلنا بخير عندما تكون الزراعة بخير.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)