يعاني أهالي محافظة دير الزور من تهميش ممنهج يطال مناحي الحياة كافة، وسط تدهور حاد في الخدمات الأساسية. هذا الوضع دفع السكان إلى رفع أصواتهم مطالبين بالعدالة التنموية ووقف ما وصفوه بـ "الإقصاء المتعمد" الذي تعاني منه المنطقة، على الرغم من كونها الشريان الاقتصادي الأول في سوريا.
صعوبات تواجه محافظة مهمشة
أوضح عبد الواحد العبد، أحد سكان دير الزور، في حديث لمنصة إخبارية، أن المحافظة تواجه تحديات وصعوبات جمة، أبرزها مشكلات الكهرباء، والقطاع الصحي، ومحطات المياه، وضعف الشبكة. وأضاف أن انقطاع الإنترنت وتدني جودة الاتصال يعزل المدينة عن العالم ويعيق أي محاولة للتنمية أو التعليم أو حتى التواصل البسيط.
كما أشار العبد إلى أن الطريق الواصل بين دير الزور ودمشق، والمعروف بـ "طريق الموت"، يشكل كارثة حقيقية، حيث لا يتجاوز عرضه 7 أمتار، وهو طريق واحد ذهابًا وإيابًا، ويستخدم من قبل شاحنات النقل الكبيرة والحافلات وسيارات الشحن، ما يجعله مصدر خطر دائم على حياة المواطنين. وشدد على أهمية هذا الطريق، ليس فقط لسوريا، بل لصلتها بالعراق، معرباً عن استغرابه لعدم تطويره أو توسيعه منذ سنوات.
وأكد العبد أن هذا التهميش ليس عفوياً، بل ممنهج، وأن هناك من ينتظر أن تُستثمر دير الزور من قبل قوى دولية كي يبدأ الاهتمام بها، في إشارة إلى الشعور العام لدى السكان بأن المحافظة تُعامل كمنطقة نفوذ لا كجزء من الدولة.
خدمات سيئة وشبه معدومة
من جهته، قال المثنى أبو الحارث، أحد أبناء المدينة، إن دير الزور تُنتج 70% من الناتج القومي السوري من القمح والشعير والقطن والنفط والغاز، متسائلاً عن سبب هذا التهميش والمعاملة كمواطنين من الدرجة الثانية رغم هذه المساهمة الكبيرة.
وأوضح أبو الحارث أن الخدمات في دير الزور شبه معدومة، وأن الدعم الذي تقدمه المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة (UN) والمنظمات الإنسانية الأخرى ضروري لتخفيف الوضع. وأضاف أن مشاريع النظافة والصرف الصحي تعتمد على تمويل خارجي، ورغم ذلك تبقى الخدمات سيئة جداً.
كما أشار إلى أن أولى هموم الناس اليوم هو الخبز، وأن سعر الربطة زاد سبعة أضعاف عن قيمتها السابقة، في الوقت الذي قلّ وزنها وانخفضت جودتها، لافتاً إلى الارتفاع الجنوني في أسعار المعيشة، في حين أن الرواتب تُدفع بشكل متقطع، وبعض الدوائر الحكومية لم تسلّم رواتبها بعد.
وأكد أبو الحارث أن معاناة الناس تفوق الوصف، وأن أكبر مشكلة هي القيادة الحالية في المحافظة، التي وصفها بـ "المقصّرة والمتحزّبة" والتي تعمل على "بناء سلطة شخصية". وأشار إلى أن الفساد كبير جداً، وأن التركيب العشائري يُستخدم كغطاء له.
تقييم مستمر لاحتياجات المواطنين
في المقابل، أكد ماجد حطاب، مدير مجلس مدينة دير الزور، أن هناك جهوداً مستمرة للتخفيف من معاناة السكان وسط ظروف استثنائية وتحديات كبيرة. وقال إن المجلس يعمل على تقييم مستمر لاحتياجات المواطنين ومستوى رضاهم، وأن هناك تعاوناً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في مشاريع ترحيل الأنقاض، والحفاظ على النظافة، ونقل النفايات.
غير أن حطاب لم يشر إلى خطط لتحسين الكهرباء، أو الصحة، أو الإنترنت، أو إصلاح الطرق، أو معالجة أزمة الخبز، ما يعزز شعور السكان بأن الجهود المحدودة لا تكفي أمام حجم الكارثة.
ووسط كل ذلك، لا تزال معاناة أهالي دير الزور تتفاقم وسط غياب استجابة فعلية من الجهات المعنية، حيث تبقى الكهرباء مقطوعة لساعات طويلة، ومحطات المياه تعاني من الاختناقات، وشبكة الإنترنت شبه مقطوعة، فيما تشهد الطرقات الرئيسية، خصوصاً الرابطة مع دمشق، حوادث متكررة جراء ضيقها وسوء صيانتها.
ورغم التصريحات الرسمية عن جهود تخفيف الأعباء، يبقى واقع الخدمات متردياً، والأمل في تحسن ملموس ضعيفاً أمام هيمنة الفساد، وضعف الإدارة، وغياب الخطط التنموية الحقيقية.