الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 03:57 PM

زيارة ويتكوف إلى غزة: هل هي تجميل لصورة "مؤسسة غزة" وتهدئة للرأي العام؟

زيارة ويتكوف إلى غزة: هل هي تجميل لصورة "مؤسسة غزة" وتهدئة للرأي العام؟

أثارت زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى غزة تساؤلات عديدة حول أهدافها الحقيقية ودوافعها. يرى البعض أن الهدف الأساسي من الزيارة هو احتواء الغضب المتزايد للرأي العام العالمي، ومحاولة تبييض صورة "مؤسسة غزة الإنسانية".

تعتبر هذه المؤسسة منظمة أمريكية خاصة، تأسست في فبراير 2025، وتعمل على توزيع المساعدات في قطاع غزة بدعم من الولايات المتحدة و"إسرائيل". وقد واجهت انتقادات شديدة من منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، بعد أن تحولت عملية توزيع المساعدات إلى ما يشبه "فخ للموت" أو "مصيدة" للفلسطينيين، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 1400 مواطن فلسطيني بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلية أثناء انتظارهم الحصول على المساعدات. كما اتهم بعض المسؤولين، مثل المقرر الأممي مايكل فخري، المؤسسة باستخدام المساعدات "سلاحاً للحرب والتهجير".

بالتالي، فإن زيارة ويتكوف تبدو كمحاولة لتحسين صورة المؤسسة وتقديمها كحل فعال للأزمة الإنسانية المتفاقمة، خاصة مع منع الاحتلال الإسرائيلي منظمات الأمم المتحدة، مثل الأونروا، من القيام بدورها الإنساني في توزيع المساعدات.

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن الهدف هو الإبقاء على مؤسسة غزة كإطار حصري لتوزيع المساعدات، وذلك من خلال:

  1. تأكيد دور المؤسسة: تشير التقارير إلى أن ويتكوف تفقد خلال زيارته مركزاً لتوزيع المساعدات تديره "مؤسسة غزة الإنسانية"، مما يؤكد الدور المحوري الذي تسعى الولايات المتحدة لمنحه لهذه المؤسسة. كما ركزت تصريحاته على "صياغة خطة لإيصال المساعدات" بالتعاون مع المؤسسة، وهو ما يضعها في صلب الحل الأمريكي المقترح.
  2. تهميش الأونروا: في المقابل، لم يصدر أي تصريح مباشر من ويتكوف يعكس توجهاً لتفعيل دور الأونروا. بل على العكس، فإن إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية" جاء في سياق تهميش دور الأونروا، خاصة بعد اتهامات "إسرائيل" لها بوجود موظفين تابعين لحماس. وقد أكدت الأونروا نفسها أن هناك 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة خارج غزة، وأن آلية التوزيع الحالية غير فعالة، مما يعكس استمرار القيود على عملها.
  3. الربط بالضغط السياسي: إن استمرار الاعتماد على "مؤسسة غزة الإنسانية" وتهميش الأونروا يهدف إلى ممارسة ضغط سياسي على الفلسطينيين ومقاومتهم. فالمساعدات تحولت إلى أداة للضغط، حيث يتم توزيعها بشكل مُقنّن ومحدود، مما يزيد من معاناة السكان ويخلق حالة من الفوضى واليأس، والهدف هو دفعهم للضغط على المقاومة للقبول بالشروط الأمريكية والإسرائيلية، خاصة في ما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى. وقد ربط الرئيس الأميركي دونالد ترامب بين المساعدات واتهام حماس بـ "سرقتها وعرقلة وصولها"، وهو ما يضيف بعداً سياسياً واضحاً لعملية التوزيع، ويؤكد الشراكة الأميركية الإسرائيلية في سياسة تجويع الشعب الفلسطيني، في محاولة لتحقيق الأهداف السياسية التي فشلت حرب الإبادة الجماعية في تحقيقها.

ويرى البعض أن هذا التوجه الأمريكي لا يمكن فصله عن الموقف الإسرائيلي الذي يسعى لإيجاد بديل للأونروا لتفكيك حكم حماس وإعادة تشكيل إدارة القطاع. فـ "مؤسسة غزة الإنسانية" تعتبر جزءاً من استراتيجية إسرائيلية أمريكية لـ "اليوم التالي للحرب"، حيث يمارس ضباط سابقون في الجيش الأميركي مهام الإشراف على الأمن وتوزيع المساعدات، مما يجعلها أداة لتنفيذ الأهداف السياسية والعسكرية.

باختصار، زيارة ستيف ويتكوف وتصريحاته لم تهدف إلى إعادة تفعيل دور الأونروا، بل على العكس، جاءت لتعزيز دور "مؤسسة غزة الإنسانية" كبديل حصري. هذا التوجه يبدو أنه جزء من استراتيجية أوسع تستخدم المساعدات كأداة للضغط السياسي على الشعب الفلسطيني ومقاومته للقبول بالشروط والإملاءات الإسرائيلية، خاصة في ما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، وهو ما يخدم الأهداف الأميركية والإسرائيلية في إعادة هندسة المشهد في غزة على قاعدة إنهاء المقاومة وتهجير الشعب الفلسطيني، بما يحقق أهداف المشروع الصهيوني بالسيطرة على كامل أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر وتصفية القضية الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية المشروعة… (أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

مشاركة المقال: