الإثنين, 4 أغسطس 2025 10:11 PM

سوريا بين التجربتين السويسرية والسنغافورية: هل من سبيل للنهوض؟

سوريا بين التجربتين السويسرية والسنغافورية: هل من سبيل للنهوض؟

بعد شهر واحد فقط من سقوط نظام الأسد، وفي بلدة دافوس السويسرية، وأمام رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، طوني بلير، أطلق أسعد الشيباني وزير الخارجية السوري آنذاك، تصريحه الشهير حول استلهام الإدارة السورية الجديدة من التجارب الدولية الناجحة، وتحديدًا النموذجين السويسري والسنغافوري، لجعل سوريا مكانًا للسلام والتطور والنمو.

تفاءل السوريون بهذا الكلام، معتقدين أن الوزير الشاب يمتلك خطة ورؤية حكومية لتحقيق ذلك. لكن، هل كانت الحكومة على دراية كافية بالنظام السويسري، بديمقراطيته ورفاهية مواطنيه، حيث يصل دخل الفرد إلى ما بين 75 و100 ألف فرنك سويسري سنويًا؟ سويسرا دولة محايدة ذات نظام فيدرالي يتكون من 26 "كانتونًا" (ولاية)، يتمتع كل منها بحكم ذاتي واسع. السلطة التنفيذية للاتحاد السويسري هي مجلس فيدرالي مكون من سبعة أعضاء يتناوبون على رئاسة الدولة سنويًا.

هل كان الوزير الشيباني على علم بهذه التفاصيل عندما أطلق تصريحه؟ أم كان مجرد كلام للمجاملة، خاصة مع "الخصوصية" السورية التي تتطلب نموذجًا للحكم الفردي المطلق؟

ربما كان تصريح الوزير متسرعًا، وعلينا أن نركز على التجربة السنغافورية، التي قد تكون أكثر إلهامًا لسوريا. سنغافورة، ورغم محدودية مواردها، تحولت إلى قوة اقتصادية عالمية بفضل رؤية وطنية واضحة وإرادة سياسية كرست مبادئ المواطنة المتساوية وسيادة القانون واستقلال القضاء والشفافية وحرية الرأي.

في المقابل، نسير نحن في اتجاه معاكس، ونعمل على تعميق الانقسامات. فكيف يتساوى المسلم مع غير المسلم، والسني مع غيره؟ القانون يتم استغلاله لترسيخ السلطة، والمساءلة غائبة. الشفافية غير موجودة، والصفقات تتم في الخفاء.

الحريات العامة شرط أساسي للنهضة، وعندما لا يكون للكلمة الحرة ثمن، وعندما لا يطرق بابك العسس بلا إذن قضائي، عندها يمكن القول إنك مواطن حر.

ليس المطلوب استنساخ التجربة السنغافورية، بل استلهام روحها في بناء دولة مؤسسات وقانون ومواطنة، لا دولة أفراد ومخابرات وولاءات. الطريق إلى سنغافورة يبدأ بالاعتراف بالخطأ والعودة عنه، وبمشروع وطني يجمع السوريين على أرضية المواطنة والمساواة والعدالة والحريات والشراكة في السلطة والموارد.

مشاركة المقال: