الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 05:08 AM

الدراما التلفزيونية تحيي الأغاني الدمشقية وتحافظ على الفلكلور

الدراما التلفزيونية تحيي الأغاني الدمشقية وتحافظ على الفلكلور

في البداية، يجب التمييز بين المصطلحات؛ فالأغنية الشامية أوسع دلالة من الأغنية الدمشقية، فالشام إقليم يشمل سورية ولبنان والأردن وفلسطين. وعند التأمل في التراث الغنائي لهذه المدن، نجد تشابهات وتقاطعات كثيرة. فمثلاً، موال العتابا واحد في مختلف مناطق بلاد الشام من حيث البنية والشواغل، والفروقات تكاد تكون في الأداء.

للغناء في العالم العربي مرجعيتان: الأولى دينية، من مختلف تراث الأديان في العالم العربي، ومن حفلات واحتفالات الأذكار والموالد، وقد استفاد منها مطربون كبار مثل أم كلثوم وصباح فخري، خاصة في القدود والموشحات. أما المرجعية الأخرى، فهي من تراث الأرياف الشامية، وهي الأغاني التي تأسست على المواسم الزراعية، وتظهر فيها أسماء زراعية ومفردات الطبيعة، كما في فنون الزجل كالعتابا والقرادي والشروقي.

الأغنية الدمشقية بدورها تأسست على هذه المرجعيات، وكانت تؤدى في المناسبات الدينية والدنيوية، قبل ظهور الدراما الدمشقية، أو ما يسمى بـ "دراما البيئة الدمشقية"، والتي أصبحت معروفة للكثيرين، واستعيرت من بيئات سورية وشامية في مختلف بلاد الشام. هذه الأغنية لم تقتصر على الأداء الصوتي، بل رافقها الرقص والموسيقى.

يُقصد بمصطلح "الأغاني الدمشقية" أغاني التراث الدمشقي التي كانت تُردد تاريخياً خلال القرن التاسع عشر، ثم حدث انقطاع طويل، والسبب في ذلك يعود إلى غياب اللهجة الشامية عن الساحة الغنائية العربية، واتجاه مغني دمشق إلى الغناء بلهجة بعيدة عن الأغنية الدمشقية وأغراضها القديمة. وقلما جرت محاولات لإحياء الموروث الغنائي الدمشقي، ويرى الباحث عمر بقبوق أن المغنين الدمشقيين لم يتبنوا ثقافتهم أو لهجتهم، وتركوا مهمة إحياء الموروث الثقافي لمسلسلات البيئة الشامية، التي احتوت مشاهد لنساء يؤدين الأغاني الدمشقية في "البراني"، بينما اقتصرت أغاني الرجال على "العراضة".

غياب اللهجة الشامية عن الساحة الغنائية العربية لا يعني امتناع الشوام عن ممارسة الغناء، إلا أن البيئة الشامية المحافظة ونظرة الشوام لهذه المهنة لعبا دوراً سلبياً في تطورها في دمشق، ففي فترة الحكم العثماني، كانت مصر وحلب تشكلان المراكز الفنية في المنطقة، وهاجر العديد من أهالي دمشق لامتهان هذه المهنة إلى مصر، ولجأ نجوم الغناء العربي ذوو الأصول الشامية في القرن العشرين إلى اللهجة المصرية وباقي اللهجات العربية. واللهجة الشامية لم تكن حاضرة إلا في أغاني المسرحيات والدراما في القرن الماضي، مثل أغنية "فطومة" لدريد لحام، واقتصرت منذ التسعينيات على شارات المسلسلات، مع أن ثمة باحثين يؤكدون أن إغنية (فطوم فطوم فطومة) من التراث الأرمني.

اليوم، لا نجد تجارب غنائية شابة لمغنين من دمشق يتمسكون بلهجتهم. وإذا عددنا العشرات من مطربي دمشق وريفها من مصطفى نصري إلى ابنته الفنانة أصالة وما بينهما من عصمت رشيد وموفق بهجت ونعيم حمدي ومروان حسام الدين وغيرهم، فقد أدوا الأغنية بـ "اللهجة البيضاء"، بل إن البعض منهم غنى معظم رصيده الفني باللهجة المصرية. ومع ذلك، فمن خلال الدراما التلفزيونية، وتحديداً دراما البيئة الدمشقية، سيتعرف المشاهد العربي على أغانٍ دمشقية قديمة كانت تُردد في الأعراس والمناسبات الأخرى، مثل "يا قضامة مغبرة ويا قضامة ناعمة" و "عالصالحية يا صالحة" و "يا طيرة طيري يا حمامة" و "ياسمين الشام على خدك".

معظم هذه الأغاني كانت ترددها النساء، بينما كانت هناك أغانٍ خاصة بالرجال، وهي المعنية بالعراضة، منها: "وإن هلهلتي هلهلنالك رشينا البارود قبالك".

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: