الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 10:33 AM

باحث اقتصادي يحذر: سياسة حبس السيولة النقدية تهدد الاقتصاد السوري

باحث اقتصادي يحذر: سياسة حبس السيولة النقدية تهدد الاقتصاد السوري

حذر الباحث الاقتصادي الدكتور سلمان ريا من استمرار مصرف سوريا المركزي في سياسة حبس السيولة النقدية، معتبراً أن ذلك يضر بالاقتصاد السوري.

أوضح ريا في تصريح لصحيفة "الثورة" أن عجز المصارف عن تأمين السيولة بالوتيرة المطلوبة يعود إلى تشدد مصرف سوريا المركزي في تزويدها بالكاش اللازم. وأشار إلى أن هذا التشدد يضع المصارف في مواجهة مباشرة مع المواطنين ويحدث خللاً في العلاقة التبادلية بين المودع والمؤسسة المصرفية، وهي علاقة تقوم على الثقة والضمان والمرونة.

وأضاف ريا: "إذا كانت الغاية من هذه الإجراءات تقليص حجم الكتلة النقدية المتداولة، وتقييد الطلب على العملات الأجنبية بهدف تحقيق استقرار سعر الصرف، فإن هذه الغاية مهما بلغت من الأهمية ينبغي ألّا تكون على حساب شلّ الأنشطة الاقتصادية الأساسية، أو تفريغ الدورة النقدية من مقوماتها الحيوية، أو إضعاف الاستهلاك النهائي، الذي يعدّ من أبرز محركات النمو في الاقتصادات الريعية والمنتجة على حد سواء".

وأكد أن السيولة المصرفية ليست مجرد أداة للتداول، بل هي محرك أساسي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك دعم التشغيل، وتحسين الخدمات العامة، ورفع كفاءة البنية التحتية.

ويرى ريا أن الحفاظ على التوازن النقدي لا يتحقق عبر الانكماش القسري للسيولة، وإنما من خلال تعزيز الثقة، وتوسيع قاعدة الإنتاج، وتحفيز الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي، بما ينعكس إيجاباً على حجم الناتج المحلي الإجمالي، ويقلل تدريجياً من اللجوء إلى المضاربة بالقطع أو طلبه لتلبية الاحتياجات الاستيرادية غير المنتجة، وتقوية الاقتصاد الحقيقي، عبر دعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي وتحريك عجلة التصنيع المحلي، وتوفير بدائل المستوردات، وهذا هو السبيل الأمثل إلى تخفيف الضغط على العملات الأجنبية، وتحقيق استقرار مستدام في سعر الصرف.

وأشار إلى أن التجارب النقدية في الدول النامية أثبتت أن معالجة الاختلالات في سوق القطع تبدأ أولاً من تحسين أداء القطاعات الإنتاجية، وتوسيع العرض السلعي، وتوليد فرص عمل ذات دخل حقيقي، بما يؤدي إلى تحفيز الطلب الفعال، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وضبط المستوى العام للأسعار، وانخفاض معدل التضخم.

وشدد ريا على أهمية بناء قاعدة متينة للموارد البشرية القادرة على قيادة مرحلة التحول الاقتصادي، مؤكداً أن المورد البشري المؤهّل علمياً وتقنياً يشكل الرأسمال الحقيقي في الاقتصاد المعرفي، حيث تغدو المعرفة هي الأصل الإنتاجي الأول، والابتكار هو المعيار الأساسي للقيمة. وأكد أهمية تمويل التعليم العالي، وتكنولوجيا المعلومات، والمراكز البحثية، بما يكفل التحول من اقتصاد قائم على الإنفاق الحكومي إلى اقتصاد مدفوع بالكفاءة والإنتاجية.

واختتم ريا حديثه بالتأكيد على أن الانتقال إلى اقتصاد غير نقدي يجب أن يتم تدريجياً ووفق آليات تشريعية ومصرفية متكاملة تقوم على الحوكمة، الشفافية، والتحفيز الإيجابي، بما يتيح للمواطن والمستثمر التكيف مع هذا الانتقال دون أن يشعر أنه يخسر حقه في السيولة، أو يُجبر على مسارات لا تنسجم مع طبيعته الاقتصادية اليومية. وشدد على أهمية تعافي الاقتصاد وإعادة الثقة، وتحقيق مرونة نقدية حقيقية، وتوفير السيولة بوصفها شريان الحياة الاقتصادية، مؤكداً أن النقد لا قيمة له إذا لم يتحرك، والاقتصاد لا حياة فيه إذا جُمّدت مكوناته الأساسية.

مشاركة المقال: