أثارت مذكرة التفاهم التي وقعتها وزارة الإعلام السورية مع شركة "المها" الكويتية لإنشاء مدينة إعلامية تحت اسم "بوابة دمشق" ردود فعل متباينة. البعض رأى فيها انفتاحًا استثماريًا واعدًا في قطاع الإعلام، بينما شكك آخرون في جدواها بسبب الغموض الذي يكتنف تفاصيلها.
أقيمت مراسم التوقيع في القصر الجمهوري، مما أعطى الحدث أهمية رمزية، لكنه أثار أيضًا تساؤلات حول أسباب تقديم مشروع بهذا الحجم، وهو لا يزال في مراحله الأولية، في مثل هذا الإطار الرسمي الرفيع.
تفاصيل الإعلان عن المشروع
أعلنت وزارة الإعلام السورية، في الأول من تموز، من داخل القصر الجمهوري في دمشق، عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "المها" الكويتية لإنشاء أول مدينة إعلامية في البلاد تحت اسم "بوابة دمشق". حضر التوقيع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ووزير الإعلام، حمزة المصطفى، والرئيس التنفيذي لشركة المها، محمد العنيزي. ووفقًا للإعلان، تبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع حوالي 1.5 مليار دولار.
ذكر الوزير المصطفى أن المدينة ستقام على مساحة تقارب مليوني متر مربع في دمشق، وستضم استوديوهات خارجية مستوحاة من العمارة التاريخية العربية والإسلامية، بالإضافة إلى استوديوهات داخلية مجهزة بأحدث التقنيات. وأضاف أن المشروع سيخلق حوالي 4000 فرصة عمل مباشرة و 9000 فرصة موسمية، مؤكدًا سعي الوزارة لجعل الإعلام شريكًا فاعلًا في التنمية وتجسيد رؤية "سوريا الجديدة".
لمحة عن شركة "المها للإنتاج الفني"
تعتبر شركة "المها للإنتاج الفني" من أبرز شركات الإنتاج الدرامي في المنطقة العربية، ولها فروع في الكويت والسعودية ولبنان. تختص الشركة بالإنتاجات الدرامية التاريخية، وقد حققت نجاحًا كبيرًا من خلال أعمال تناولت شخصيات وأحداثًا مهمة في التاريخ الإسلامي والمسيحي. من أبرز إنتاجاتها مسلسل "فتح الأندلس" (طارق بن زياد) الذي أُنجز عام 2021، بالإضافة إلى أعمال مثل "خالد بن الوليد"، و"الحسن والحسين"، و"الإمام أحمد بن حنبل"، و"العذراء والمسيح".
يشغل محمد سامي العنزي، المخرج والمنتج الكويتي، منصب الرئيس التنفيذي للشركة.
الطبيعة القانونية لمذكرة التفاهم
أثار الإعلان عن توقيع مذكرة التفاهم جدلاً حول جدواها القانونية. المحامي أحمد جهاد نجيب أوضح أن مذكرات التفاهم لا تعتبر عقودًا قانونية ملزمة، بل تعكس تفاهمًا أوليًا ونوايا مشتركة بين الأطراف. وأضاف أن الإرادة الظاهرة في مذكرات التفاهم غالبًا ما تكون تمهيدية وغير ذات أثر قانوني مباشر، وتهدف إلى التعبير عن رغبة الأطراف بالتعاون أو التفاوض المستقبلي.
المدن الإعلامية: تجارب عالمية
المدن الإعلامية ليست مجرد مجمعات إنتاج تلفزيوني، بل هي منصات اقتصادية واستثمارية متكاملة. تجارب إقليمية ناجحة تظهر قدرة هذه المشاريع على تحقيق عوائد ملموسة:
- مدينة دبي للإعلام (تأسست عام 2000) تضم أكثر من 2,100 شركة يعمل بها 34,500 موظف.
- المدينة الإعلامية المصرية حققت في العام المالي 2024 صافي ربح بلغ 801 مليون جنيه مصري.
هذه الأرقام تؤكد أن المدن الإعلامية يمكن أن تتحول إلى روافع اقتصادية حقيقية. في ظل الضبابية القانونية التي تحيط بمذكرة التفاهم، يبقى مشروع "بوابة دمشق" بين تطلعات إعلامية كبيرة وشكوك قانونية واقتصادية.