الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 07:32 AM

في "حكايات المهجر": عبد المسيح حداد يروي قصصًا عن الحنين والاغتراب في الأمريكيتين

في "حكايات المهجر": عبد المسيح حداد يروي قصصًا عن الحنين والاغتراب في الأمريكيتين

يستعرض كتاب "حكايات المهجر" للكاتب عبد المسيح حداد، الصادر عام 2021، تجارب المهاجرين العرب، وخاصة السوريين، في الأمريكيتين خلال العقود الأولى من القرن العشرين. الكتاب، الذي نُشر لأول مرة عام 1921، صدرت نسخته الأخيرة عن مؤسسة "هنداوي"، وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى نشر المعرفة والثقافة وتشجيع القراءة باللغة العربية.

ينتمي الكتاب إلى أدب المهجر، وتحديدًا المدرسة الرومانسية، التي تركز على الذات الفردية، والحنين إلى الوطن واللغة، والشعور بالاغتراب. يتألف الكتاب من مجموعة قصصية متنوعة، تجمعها تجربة الاغتراب بكل جوانبها.

تبدأ بعض القصص بوصف المهاجر المندهش من العوالم الجديدة، لكن هذا الإعجاب سرعان ما يتحول إلى شعور بالوحدة أو الذنب أو الحنين. يجسد حداد الصراع النفسي الذي يعيشه المهاجر بين الاندماج في مجتمع جديد والحفاظ على جذوره الثقافية والدينية والاجتماعية.

تتنوع الشخصيات في الحكايات بين المرأة والرجل، الفقير والغني، المؤمن والمتشكك، مما يشكل صورة بانورامية عن هموم المهجر. هناك من ضحى بمبادئه من أجل البقاء، ومن فقد هويته، ومن قاوم بصمت. يصف الكاتب الوطن بأنه الفردوس المفقود، خاصة في أحاديث الحنين إلى الأم والأرض والمعتقدات، مما يجعل النصوص تحمل خطابًا مزدوجًا بين وصف المجتمع الجديد وظروفه، والكشف عن صراع الهوية والانتماء.

يجسد الكتاب حوارات المغتربين التي تصف الألم والحنين للوطن بطريقة عفوية وواقعية. "ها أنا بين غربيين، ولكن قلبي ما زال مشرقيًّا لا يعرف إلا لغة أمي وصلوات جدي"، هكذا عبر عبد المسيح حداد عن صراع الهوية والانتماء الثقافي الذي يعيشه المهاجر.

لا يغيب البعد الأخلاقي عن الكتاب، إذ تتضمن القصص رسائل ضمنية تدعو إلى التمسك بالقيم ومواجهة تحديات المهجر بالشرف والعمل والإيمان. يظهر تمسك المهاجر بوطنه وقيمه بوضوح بين سطور الكتاب، فالهجرة لا تعني الهروب من الوطن بل حمله كعبء شعوري دائم. تأتي هذه القيم كمحاولة لتعويض الخسارات المعنوية التي تعرض لها المهاجرون.

يعبر الكاتب عن الاغتراب المزدوج الذي تعانيه المرأة المهاجرة وفقدانها لذاتها ودورها، قائلاً: "المرأة في المهجر لا تبكي فقط على أهلها، بل على نفسها، لأنها فقدت دورها حين فقدت وطنها". كما ينقل الكتاب قصصًا وجدانية لأناس عبروا البحار بحثًا عن فرصة، ليجدوا أنفسهم في مواجهة أسئلة كبرى عن الوطن والهوية والمصير.

مشاركة المقال: