الأحد, 27 يوليو 2025 05:34 AM

حكمت الهجري: لماذا يثير شيخ عقل السويداء الجدل ويرفض التعامل مع الدولة السورية؟

حكمت الهجري: لماذا يثير شيخ عقل السويداء الجدل ويرفض التعامل مع الدولة السورية؟

أثار حكمت الهجري، أحد أبرز شيوخ عقل الطائفة الدرزية في جنوب سوريا، جدلاً واسعاً محلياً وإقليمياً وحتى عالمياً، بسبب ما يراه البعض استقواءه بالخارج، وتحديداً بالكيان الإسرائيلي، ومحاولته فصل محافظة بأكملها عن سوريا، وإثارة الفوضى، والتسبب في نزيف الدماء وتهجير مئات العائلات من البدو.

تثار تساؤلات حول أسباب تهميش دور باقي شيوخ العقل والوجهاء وأصحاب القرار في محافظة السويداء وخارجها، مع تأكيد العديد منهم رفضهم لسياسات الهجري واستئثاره بقرار أكثر من نصف مليون سوري في السويداء. تحوّل الهجري من مرجعية دينية إلى قائد سياسي يتحكم أيضاً في تسيير آلاف المسلحين التابعين للمجموعات الخارجة عن القانون، بينما تم تهميش شخصيات أخرى مثل الشيخ حمود الحناوي ويوسف الجربوع، علماً أن مشيخة العقل في السويداء تنحصر بهؤلاء الثلاثة.

حول كيفية تحكم الهجري بمسار الأحداث، قال الكاتب والمحلل السياسي السوري، أحمد مظهر سعدو، لحلب اليوم، إن الهجري "كان يلعب على وتر دعم اعتصام الكرامة ودعم الشباب في السويداء قبل انتصار الثورة، وأخذ بالتالي بعداً مختلفاً عن غيره من المشايخ على أساس وقوفه مع الثورة وبالتالي حظي بشعبية إلى حد ما، وهذا ما جعل له مكانة في المجتمع".

من جانبه، قال حسام نجار، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري، إن "حكمت الهجري عبارة عن شيخ عقل مصطنع لا يمتلك الرؤية ولا الحكمة المطلوبة من مشايخ العقل، بل إن البيانات التي يصدرها يقرؤها فقط دون أن يعرف مضمونها، واستطاع من خلال الترهيب لباقي المشيخة أن يسيطر على القرار ويكون الصوت الوحيد للطائفة. وجميعنا لاحظ كيف انقلبت مواقف ماهر شرف الدين وفيصل القاسم عند لقائهم معه، فهو لديه ضوء أخضر من الصهاينة على اعتبار أن كلي الطرفين يحققان مصالح بعضهما البعض، وأكبر دليل استقواؤه بإسرائيل وطلبه قصف دمشق، فالرجل أداة مصطنعة وبيدق في الخطط الإسرائيلية والحلم الإسرائيلي".

يوجد خمسة مشايخ عقل للطائفة الدرزية، هم: موفق طريف، الرئيس الروحي في الكيان الإسرائيلي، ورئيس المجلس الديني الدرزي الأعلى، ورئيس محكمة الاستئناف الدرزية العليا، والشيخ سامي أبو المنى، وهو شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، وفي السويداء يوجد كل من يوسف جربوع وحكمت الهجري وحمود الحناوي.

مع اندلاع الاشتباكات الأخيرة، دعا الحناوي والجربوع للحفاظ على سلطة الدولة، كما أيد هذا التوجه أبو المنى ملقياً باللوم على الهجري، لكن الأخير توافق مع طريف الذي ضغط على الاحتلال الإسرائيلي لزيادة الدعم للهجري. وأضاف مظهر سعدو أن الأخير "تحالف مع ما يسمى المجلس العسكري في الفترة الماضية، وهو معروف بتلقيه الدعم الإسرائيلي، وبالتالي أصبح بالضرورة ينادي باستقدام واستجلاب إسرائيل، وذكر ذلك في أكثر من مرة، مما أدى لخلط الأوراق، كما أن ما حصل مؤخراً خلال فزعة العشائر من بعض الممارسات السيئة والفردية كحرق بعض البيوت والاعتداء على الناس، زاد من التفاف البعض في السويداء حوله".

واستدرك سعدو قائلاً: "إن المجموعات الخارجة عن القانون قامت بأعمال سيئة جداً، بتوجيه من الهجري والمجلس العسكري ضد البدو، لكن بعض مقاتلي العشائر تسببوا بردة فعلهم في زيادة الالتفاف حوله، حيث ينظر إليه البعض على أنه حامي الدروز، وبالتالي وقفوا إلى جانبه، وهذا ما أعطاه أهمية حالياً.. لكنني أقول دائماً إنه لا يمكن أن ينفصل أهل السويداء عن بلدهم، فهم شعب حي ووطني وله تاريخ، والهجري سيسقط عاجلاً أم آجلاً بإذن الله".

وُلد الهجري عام 1965 في فنزويلا، وانتقل والده إلى هناك للعمل في خمسينيات القرن الماضي، وعاد لاحقاً إلى سوريا من أجل متابعة دراسته، فأكمل مراحل التعليم من الابتدائية حتى الثانوية داخل البلاد، وتخرج من كلية الحقوق في جامعة دمشق عام 1990، مع استلام شقيقه أحمد الهجري منصب شيخ عقل الطائفة الدرزية، بالمحافظة.

لقي أحمد الهجري حتفه في حادث سير مشبوه عام 2012، وكان قد أبدى تعاطفاً مع الثورة السورية منذ اندلاعها، وبعد وفاته استلم حكمت منصب أخيه واختار الحفاظ على علاقاته مع بشار الأسد. ويقول الكاتب نجار إنه "من المعلوم للجميع أن مشيخة العقل لدى الدروز تأتي بالوراثة ولا تكتسب اكتساباً إلا فيما ندر من الشيوخ الذين لديهم القدرة على الحكمة والتأثير، فحكمت الهجري ورث المشيخة عن أخيه أحمد الذي تم اغتياله لمواقف الوطنية الرافضة لإملاءات الأسد وعصابته، وكان بالأصل غير ملتزم بتعاليم الدروز ويعيش في فنزويلا، لكن عند اغتيال أخيه تم استدعاؤه ليكون خلفاً له وتم هذا الأمر من خلال اللوبي الصهيوني الموجود في فنزويلا وبتكليف من موفق طريف شيخ عقل الدروز في فلسطين بعد تم أن إجراء دراسة موسعة عن حكمت وأفكاره المؤيدة لإسرائيل، وعاد الرجل ليكون أحد مشايخ العقل وليس المتحكم والمتزعم لهذه المشيخة فهناك من هم أقدر منه عائلياً وقدماً، وعندما وقع الاختلاف بينهم لجأ بشار الأسد لجعل المشيخة بالتوافق بين ثلاثة وأسماها المشيخة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، وتم اعتماد توقيع الثلاثة على كل بيان أو قرار يصدر للطائفة لكن من خلال مرافقين للهجري يديرون له التصرف والرغبة بالتحكم بالقرار الدرزي أصبح يمتنع عن التوقيع والتصديق على القرارات التي تصدر من المشيخة وبدأ عناده مع عصابة الأسد ثم بدأ الخلاف بينه وبين الأسد يظهر تدريجياً فوصل الأمر لبشار أن حكمت هو المرجع الأساسي للطائفة".

ومضى بالقول: "من هنا بدأ الأسد يتعامل معه على هذا الأساس مما جعل حكمت الهجري موالياً لبشار ويعمل وفق تعليمات الأمن العسكري الذي انخرط ابنه سلمان فيه وشكل مجموعة عسكرية كانت تعتقل الناس وتقتلهم، وقد لاحظنا مواقفه التي ظهرت مؤخراً بشكل واضح وجلي أنه لم يكن معارضاً لبشار حتى مرحلة الحراك الشعبي ووقفات الكرامة التي كان يعارضها بشدة لكن وبتوجيهات مدروسة ومحسوبة طلب منه الوقوف مع هذا الحراك لأن هناك مخططا ما سينفذ للسويداء، وفكرة الكانتون أو الفدرلة كانت موجودة قديماً تم تخطيطها بمرحلة ما لكن ظهرت مرة أخرى بوجود الأسد ثم بلورها حكمت الهجري بتشجيع من موفق طريف وظهرت فيديوهات عدية لمناطق في الجولان تريد الانضمام لإسرائيل".

وقد أعلن الهجري في 15 تموز ترحيبه بدخول قوات الأمن التابعة للحكومة إلى المدينة، بعد تراجع المجموعات الخارجة عن القانون أمام قوات الجيش السوري، لكن مع تدخل الطيران الإسرائيلي، عاد ليغير موقفه ويرفض دخول مؤسسات الدولة. وكان الهجري – حتى عام 2018 – يؤيد الانضمام إلى صفوف جيش النظام البائد، كما شجع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية على الاستفادة من قرارات العفو والالتحاق به، وبرز كأحد أقرب الزعماء الدينيين للنظام، وشارك في فعالياته الرسمية، قبل أن تضطرب علاقته بالنظام في 2021، حيث توترت العلاقات بينه وبين بشار الأسد إلا أن الأخير رضخ له في النهاية.

مشاركة المقال: