تضع الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء "عمران" خريطة طريق جديدة لتطوير صناعة الإسمنت في سوريا، معتمدة على الخبرات المحلية والاستشارات الدولية، وفقًا للمهندس محمود فضيلة، المدير العام للشركة.
في لقاء مع مراسل سانا، أوضح المهندس فضيلة أن هذه الخارطة تستند إلى دراسة شاملة لمصانع الإسمنت الحالية، وتقييم طاقتها الإنتاجية وتكاليفها، بالإضافة إلى إمكانية تفعيل المصانع التي حصلت على تراخيص مسبقة، وذلك لتلبية متطلبات مرحلة إعادة البناء والإعمار.
إعادة تقييم المعامل القائمة
أشار المهندس فضيلة إلى أن الشركة بدأت بعد التحرير بإعداد دراسة لمعامل الإسمنت، من خلال إعادة تقييم المعامل الموجودة في منطقة عدرا بريف دمشق، والرستن في حمص، والمسلمية في حلب، بالإضافة إلى معمل الإسمنت في طرطوس. يهدف هذا التقييم إلى وضع معايير فنية لكل موقع على حدة، بهدف زيادة كميات الإنتاج وتحسين الجودة، مع خفض التكاليف عن طريق تقليل استيراد مستلزمات الإنتاج والمواد، وتخفيف الضغط على الخزينة العامة من العملات الأجنبية.
حجم الاستهلاك الحالي
أوضح فضيلة أن حجم الطلب على الإسمنت قبل عام 2011 كان يبلغ حوالي ثمانية ملايين طن سنويًا، بينما لم يتجاوز الإنتاج المحلي آنذاك خمسة ملايين ونصف مليون طن، وكان يتم تعويض الفرق عن طريق الاستيراد. أما اليوم، فقد بلغ متوسط الاستهلاك اليومي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي ما بين 20 إلى 25 ألف طن، أي ما يعادل نحو 7 ملايين طن سنويًا، في حين لا يتجاوز الإنتاج المحلي الفعلي الحالي أربعة ملايين ونصف مليون طن، في حال تشغيل المعامل الحكومية بكامل طاقتها، بينما لا ينتج القطاع الخاص حاليًا سوى 1.5 مليون طن سنويًا.
خطوات إسعافية وهيكلية
فيما يتعلق بإنتاج مادة "الكلينكر" (المادة الأولية للإسمنت قبل الطحن)، أوضح فضيلة أن الشركة قررت إيقاف إنتاج المادة محليًا في معامل الشركة بسبب التكلفة الكبيرة، وارتفاع أسعار الفيول، وتقادم خطوط الإنتاج في المعامل القائمة. وكإجراء علاجي، عملت الشركة على استيراد الكلينكر من السعودية ومصر والجزائر والعراق بتكلفة أقل من تكلفة إنتاجها في معامل الشركة، مما يخفض تكلفة المنتج النهائي.
خريطة استثمارية ومعامل جديدة
كشف المهندس فضيلة أن الشركة وضعت خريطة استثمارية بالتعاون مع الجهات الحكومية، تستهدف بناء معامل إسمنت حديثة في مواقع استراتيجية، أبرزها في منطقتي عدرا والمسلمية، وفقًا لأعلى المعايير الفنية، وبما يسمح بتصدير الإنتاج نحو دول الجوار والأسواق العالمية، مستفيدة من موقع سوريا الجغرافي. أما معمل طرطوس، فقد تقرر حسب فضيلة استثمار مطاحنه فقط، نظرًا لموقعه البحري وكونه المعمل الوحيد على الساحل، فيما تم وضع خطة لصيانة الخط الثالث في معمل إسمنت حماة ورفعه إلى طاقته التصميمية 3200 طن يوميًا، من خلال تحديث خطوط الإنتاج والمخابر، وكاشفاً عن دراسة إنشاء معمل إسمنت جديد في حلب بطاقة إنتاجية تصل إلى 10 آلاف طن يوميًا، ليكون رافداً حيوياً في مرحلة إعادة الإعمار.
الإعمار وتحديات الفجوة الإنتاجية
أشار فضيلة إلى أن الاستهلاك الحالي للإسمنت محدود، في حين تحتاج المشاريع المستقبلية التي تشمل تجهيز المطارات ومحطات توليد والجسور والفنادق والمراكز الصناعية والسياحية كميات كبيرة، مما يتطلب السعي لتحقيق التوازن بين الإنتاج والطلب، والذي قد لا يتحقق إلا بعد سبع سنوات، الأمر الذي يفرض تسريع وتيرة تطوير المعامل وإطلاق مشاريع جديدة.
الطاقة الإنتاجية
أشار فضيلة إلى وجود 11 رخصة لإنشاء معامل إسمنت كانت قد منحت لمستثمرين قبل العام 2010 ولم يتم إنشاؤها، مبيناً أنه تم الاجتماع مع أصحاب هذه الرخص وإبلاغهم بضرورة وضع جدول زمني واضح لإنشاء المعامل، التي ستصل طاقتها الإنتاجية حين دخولها مرحلة الإنتاج إلى 40 مليون طن سنويًا.
فرص استثمارية وشراكات دولية
بين فضيلة أن الشركة تسعى بشكل حثيث إلى رفع رواتب الكوادر العاملة، وذلك في ظل التنافس مع القطاع الخاص الذي بات يستقطب الفنيين والمهندسين، وقال: "من الضروري اتخاذ خطوات واضحة للحفاظ على الكفاءات، وخصوصاً في المواقع الحساسة مثل حماة وحلب". وتعمل الشركة حالياً حسب فضيلة على توقيع اتفاقيات تعاون فني وتدريب كوادر مع عدد من الدول، إلى جانب السعي لتطوير المعامل القائمة وتزويدها بالتقنيات لمواكبة التطورات الكبيرة التي شهدها قطاع الإسمنت عالمياً.