الإثنين, 21 يوليو 2025 01:37 AM

ازدهار زراعة البطيخ في رأس العين وتل أبيض يحقق أرباحًا استثنائية للمزارعين

ازدهار زراعة البطيخ في رأس العين وتل أبيض يحقق أرباحًا استثنائية للمزارعين

عنب بلدي – رأس العين - شهدت مدينتا رأس العين وتل أبيض، شمالي سوريا، موسمًا ناجحًا لزراعة البطيخ هذا العام، حيث حقق المزارعون أرباحًا جيدة بفضل تحسن الإنتاج وزيادة الطلب المحلي.

بدأ جني محصول البطيخ مع بداية تموز الحالي، بعد موسم زراعي تميز باعتدال الطقس وارتفاع تدريجي في درجات الحرارة، دون تسجيل إصابات بآفات زراعية تذكر، مما ساهم في تحسين جودة الثمار وزيادة كمياتها.

موسم مربح للمزارعين

بلغ إنتاج البطيخ الأحمر هذا الموسم في رأس العين وتل أبيض حوالي أربعة أطنان للدونم الواحد (1000 متر مربع)، مقارنة بالعام الماضي الذي لم يتجاوز 400 كغ للدونم، مما جعل هذا الموسم "استثنائيًا" من حيث العائد المادي للمزارعين.

كريم العماد (42 عامًا)، وهو من مزارعي قرية الحمدو في ريف تل أبيض، زرع هذا العام حوالي 30 دونمًا من البطيخ الأحمر، بعد تعرضه لخسارة "كبيرة" في موسم القمح، وتجاوزت ديونه 13 مليون ليرة سورية، أي حوالي 1300 دولار أمريكي (الدولار الواحد يعادل حوالي 10,000 ليرة).

اختار كريم بذار الصنف الإيطالي "بروديو سير"، المعروف بتحمله لتقلبات الطقس وقلة المياه وإنتاجيته العالية التي تتجاوز أربعة أطنان للدونم، متجنبًا الأصناف المتداولة محليًا مثل "الأحمر" و"الباكوري".

بعد انتهاء موسم الجني، بلغ إنتاجه حوالي 3.7 طن للدونم الواحد، وتمكن من بيع الطن الواحد بسعر وصل إلى 10 ملايين ليرة سورية، أي حوالي 1000 دولار، بفضل جودة المحصول وطعمه المرغوب. وذكر أنه تمكن من سداد كامل ديونه، وحقق فائضًا ماليًا شجعه على التوسع في الزراعة خلال الموسم المقبل.

من جانبه، محمد السلمان (36 عامًا)، من قرية أم العصافير في ريف رأس العين، توجه لزراعة 25 دونمًا من البطيخ الأحمر، من صنف "أمبالا" الهجين بين البذار السوري والإيطالي.

أوضح السلمان أن اختياره لزراعة البطيخ هذا العام يعود إلى قصر مدة الإنتاج، حيث يُزرع في شهر نيسان ويُحصد في تموز كحد أقصى، مما يجعله محصولًا مناسبًا من حيث الوقت والجهد. وبعد جني المحصول، وصل إنتاج الدونم الواحد إلى أربعة أطنان، وهو معدل مرتفع مقارنة بالموسم السابق، مما مكّنه من تحقيق عائد مجزٍ. وذكر أن توقيت الموسم كان "مثاليًا"، حيث جاء بعد حصاد القمح وقبل بدء زراعة القطن، مما ساعده في تأمين مستلزمات القطن من عوائد موسم البطيخ.

تعرض مزارعو تل أبيض ورأس العين العام الماضي لخسائر بسبب بذور رديئة أدت إلى إنتاج ضعيف لا يتجاوز 400 كغ للدونم وثمار غير ناضجة، لذلك لجؤوا هذا الموسم إلى بذور هجينة مستوردة، خاصة من تركيا، مما أسهم في تحسين جودة وإنتاج المحصول.

عوامل زيادة الإنتاج

مروان دربي، وهو مورّد الأدوية الزراعية لصيدليات تل أبيض ورأس العين، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن نجاح موسم البطيخ هذا العام يعود بشكل رئيس إلى جودة البذور المستخدمة واعتماد المزارعين على أصناف هجينة مثل "بروديو سير" و"أمبالا" و"الهبودي" السليم من الأمراض.

وأوضح أن الجفاف وقلة الرطوبة في التربة هذا الموسم كانا من العوامل الحاسمة التي ساعدت في تقليل انتشار الأمراض الفطرية التي تصيب البطيخ، مثل البياض الزغبي وعفن الجذور، والتي تكثر في الظروف الرطبة والرطوبة العالية.

وأشار إلى أن سعر الكيلو من البذور الهجينة عالية الجودة يتراوح بين 20 و30 ألف ليرة سورية (حوالي دولارين إلى ثلاثة دولارات)، إلا أنها تستحق الاستثمار لما تحققه من عائد مضمون، خاصة في ظل الظروف المناخية المناسبة هذا الموسم والتي ساعدت بشكل كبير في رفع جودة وإنتاج المحصول.

وقدّر المهندس المساحات المزروعة بالبطيخ في منطقة تل أبيض بنحو 4000 دونم، منها 3000 دونم في بلدة سلوك، و1000 دونم في ريف تل أبيض.

من جانبه، مجد كسار، مدير الزراعة في المجلس المحلي برأس العين، قال لعنب بلدي، إن المساحات المزروعة بالبطيخ هذا الموسم بلغت نحو 2000 دونم، بحسب إحصائية مديرية الزراعة.

وأوضح أن إنتاج الدونم الواحد هذا الموسم تراوح بين ثلاثة وثلاثة أطنان ونصف، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنة بالعام الماضي، حيث لم يتجاوز 400 كغ للدونم. وعزا كسار سبب النجاح إلى اعتماد المزارعين على بذور محسّنة ومقاومة للأمراض، إلى جانب الظروف الجوية المناسبة وانخفاض نسبة الرطوبة، مما حدّ من إصابة المحاصيل بالأمراض الفطرية.

وأشار إلى أن مديرية الزراعة عملت على تقديم المشورة للمزارعين منذ بداية الموسم، من خلال الإرشاد الزراعي ومتابعة الحقول، مما ساعد في تحسين الإنتاج وزيادة العائد.

يسعى مزارعو رأس العين وتل أبيض إلى تحسين دخلهم، عبر تنويع محاصيلهم، وتعويض خسائر مالية أصابتهم خلال الأعوام الماضية من محاصيل رئيسة كالقمح والقطن، وثانوية كالكمون.

ويعد البطيخ الأحمر من المحاصيل التكثيفية الجيدة التي تُزرع مرتين في السنة، مرة في البيوت البلاستيكية بالشتاء ومرة أخرى في الصيف، ويتميز بأسعاره الجيدة وتكاليف زراعته المنخفضة وقلة حاجته للمياه، مما يجعله خيارًا جيدًا للمزارعين.

تعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي تعمل بها أغلبية سكان منطقتي تل أبيض ورأس العين والمناطق الشمالية والشمالية الشرقية في سوريا، وهي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل في هذه المناطق.

مشاركة المقال: