الأحد, 20 يوليو 2025 06:08 PM

السويداء: شهادات مروعة عن إعدامات ميدانية وسرقات واسعة النطاق تستهدف المنازل والمتاجر

السويداء: شهادات مروعة عن إعدامات ميدانية وسرقات واسعة النطاق تستهدف المنازل والمتاجر

السويداء – نورث برس

حصلت نورث برس على شهادات صوتية ومكتوبة من داخل مدينة السويداء في جنوب سوريا، تتضمن اتهامات لعناصر تابعة لوزارة الدفاع السورية ومقاتلين عشائريين بارتكاب إعدامات ميدانية وعمليات سرقة واسعة طالت المنازل والمحلات، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الإنسانية داخل المدينة، وخاصة في المشفى الوطني في السويداء.

حتى صباح اليوم، استمرت الاشتباكات داخل مدينة السويداء، لكن مصدراً حكومياً أفاد نورث برس بوجود انسحاب تدريجي لمقاتلي العشائر من السويداء، وذلك لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه يوم أمس الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، والرئاسة الروحية للدروز الموحدين المسلمين، وتجمع عشائر الجنوب عبر بيان.

ماذا حصل؟

شهدت السويداء يوم الأحد الماضي اشتباكات عنيفة أسفرت عن سقوط حوالي ألف قتيل وجريح من الفصائل الدرزية ومقاتلي العشائر وعناصر حكومية وسكان مدنيين. بدأت الاشتباكات بين فصائل درزية ومسلحي عشائر من البدو على خلفية توترات وعمليات اختطاف متبادلة على طريق دمشق السويداء.

تدخلت عناصر الدفاع والداخلية السورية كـ "قوات فض النزاع"، لكن الأوضاع الميدانية تعقدت بدخولها الاشتباكات مع فصائل درزية بسبب كمائن تعرضت لها. شهدت المدينة ثلاث اتفاقيات لوقف إطلاق النار، لكنها كانت هشة ولم يتم تطبيقها حتى الآن.

تدخلت إسرائيل بقصف أرتال حكومية على أطراف السويداء، وسط تهديدات من مسؤولين بارزين بقصف القوات الحكومية إذا لم تنسحب من السويداء، وتطورت الأحداث لاحقاً بقصف مبنى الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي ومواقع عسكرية حكومية في درعا.

انسحبت القوات الحكومية على إثر القصف الإسرائيلي، مما أتاح للفصائل الدرزية التقدم في الريف الغربي للسويداء، وسط اتهامات بتهجيرها لمئات العائلات من سكان البدو وارتكاب عمليات قتل بحق البعض.

شهادات من الداخل

من داخل السويداء، ذكرت يارا، مكتفية بذكر اسمها الأول خوفاً من الملاحقة والتعرض للأذى، أن المجموعات المهاجمة استمرت في إطلاق النار داخل المدينة. وأشارت إلى أن عناصر من وزارة الدفاع قاموا باختراق أحياء المدينة واعتدوا بشكل عنيف على المدنيين، مستغلين وجودهم مع المهاجمين من العشائر.

وأضافت يارا: "اضطررنا لمغادرة منزلنا في الصباح بعد أن تم خرق اتفاق وقف إطلاق النار من قبل بعض العشائر". وأشارت إلى أن الوضع الإنساني في المدينة كارثي، حيث تحولت السويداء إلى "شبح" في ظل انتشار رائحة الدماء وافتقارها للغذاء والدواء.

وأوضحت أن "المشفى الوطني في حالة مأساوية، وهناك مئات الجثث لم تُدفن بعد، وتفسخت الجثث والديدان ملأت المكان، بينما الرائحة لا تطاق وتمتد لمسافات طويلة".

لم تتمكن نورث برس من تأكيد هذه الشهادات، لكن فيديوهات منتشرة بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت قيام مسلحين باقتياد دروز في الشوارع، وفي مشاهد أخرى إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة، كما أظهر أحد المشاهد إجبار ثلاثة شبان دروز على رمي أنفسهم من شرفة منزل ثم إطلاق النار عليهم وقتلهم.

أقرت الرئاسة السورية في بيان بوقوع انتهاكات بحق دروز السويداء، وقالت إنها بريئة منها وتعهدت بمحاسبة المخطئين، وهو ما أكد عليه مرة أخرى أحمد الشرع في كلمته المصورة أمس السبت.

"إعدامات ميدانية وأوضاع إنسانية"

أوضحت رجاء، وهي طالبة جامعية من السويداء، أن الوضع في المشفى الوطني يزداد سوءاً مع مرور الوقت. وأضافت: "كل لحظة تشهد تدهوراً حقيقياً في الوضع الصحي، ونحن أمام كارثة إنسانية وبائية حقيقية".

ذكرت لين أنها فقدت عمها الذي تم إعدامه ميدانياً، رغم أنه كان مهندساً مدنياً. وتابعت: "نحن محاصرون داخل بيوتنا، لم تحمِ البيوت أهلها، واليوم يعيش معظم الأهالي مأساة إنسانية".

وتحدث العديد من الشهادات الأخرى عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، وأن عشرات البيوت والمحلات تعرضت للحرق والنهب.

وتحدث أيضاً أحد الكوادر التدريسية في جامعة دمشق، لكنه لم يرغب بكشف اسمه أو منصبه الوظيفي، إنه وعائلته نجوا في آخر لحظة بعدما تعرضوا لحصار مقاتلي العشائر وعناصر الدفاع السورية، لكنهم نجحوا في الفرار إلى حي أكثر أمناً، وفق قوله.

حرق جثة طيار

تقول شهادة صوتية لطالبة جامعية، إنه في حي "النهضة" بالسويداء، دخل مسلحون إلى بناية سكنية كان يستأجر فيها طيار متقاعد، "قتلوه وقتلوا زوجته وأحرقوا الجثة في المنزل، ثم أحرقوا البيت بأكمله".

وتضيف الشهادة إن طفلاً في نفس الحي تعرض للإهانة من قبل المسلحين، "عوي (تقليد صوت الكلاب)"، ثم قُتل بطلق ناري في رأسه.

بينما تعرض طريق بلدة قنوات لأضرار نتيجة الاشتباكات، وتكسرت المحلات وتعرضت للنهب، والطريق المحوري في المدينة "أصبح دماراً"، إضافة إلى "جثث منتشرة بالشوارع".

تشهد السويداء الآن هدوءً حذراً، لكن تشير الأوضاع الميدانية وعمليات القتل والاختطاف المتبادلة إلى احتمال تفجر الأوضاع من جديد رغم وقف إطلاق النار الهش الذي صاغه كل طرف وأعلنه وفق شروطه.

تحرير: تيسير محمد

مشاركة المقال: