الأربعاء, 16 يوليو 2025 01:45 PM

سباق محموم لخفض استهلاك الطاقة في قطاع الذكاء الاصطناعي: حلول مبتكرة وتحديات متزايدة

سباق محموم لخفض استهلاك الطاقة في قطاع الذكاء الاصطناعي: حلول مبتكرة وتحديات متزايدة

في ظل النمو المتسارع لقطاع الذكاء الاصطناعي، تتسابق الجهود لتقليل استهلاك الطاقة من خلال تقنيات تبريد جديدة، ورقائق أكثر كفاءة، وتطورات متلاحقة في البرمجة. تعتمد البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بشكل كبير على مراكز البيانات، التي من المتوقع أن تستهلك حوالي 3% من الكهرباء العالمية بحلول عام 2030، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة، أي ضعف النسبة الحالية.

وسط هذا التحدي، يزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولاية بنسلفانيا للإعلان عن استثمارات بقيمة تقارب 70 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للطاقة، بحسب وسائل إعلامية. وتشير شركة “ماكينزي” الاستشارية إلى وجود “سباق” لبناء مواقع كافية لمواكبة التوسع الهائل في الذكاء الاصطناعي، محذرة من خطر نقص وشيك في هذا المجال.

يقول الأستاذ في جامعة ميشيغان، مشرّف شودري، إن هناك عدة طرق لمعالجة هذه المشكلة، منها زيادة مصادر الطاقة، وهو مسار تتبعه شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة، أو تقليل الطلب على الكهرباء بنفس القدرة. ويرى الأكاديميون إمكانية إيجاد حلول “ذكية” على مختلف مستويات سلسلة الذكاء الاصطناعي، بدءًا من المعدات المادية وصولًا إلى الخوارزميات.

ويوضح غاريث ويليامز من شركة “أروب” الاستشارية أن الطاقة اللازمة لصيانة مركز بيانات تمثل حاليًا 10% من استهلاك الخوادم نفسها، مقارنة بنسبة 100% قبل 20 عامًا. ويعزى هذا الانخفاض إلى الاستخدام الواسع النطاق للتبريد السائل الذي يحل محل التهوية التقليدية، ويتضمن تدوير السوائل مباشرةً عبر الخوادم. ويشير ويليامز إلى أن “كل الشركات الكبرى تستخدمه الآن، وقد أصبح أساسيًا في منتجاتها”.

في المقابل، زادت الرقائق الجديدة من شركة “إنفيديا” العملاقة في صناعة الشرائح المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، استهلاك الطاقة في حامل الخوادم بأكثر من 100 مرة مقارنة بما كان عليه قبل 20 عامًا. ونتيجة لذلك، يمكن للسائل أن يصل إلى درجات حرارة أعلى بكثير من ذي قبل، مما يسهل التبريد عند ملامسة الهواء الخارجي، نظرًا لاختلاف درجة الحرارة.

وفي أوائل تموز/يوليو، كشفت “أمازون” عن نظام تبريد سائل جديد يُسمى “اي ار اتش اكس” IRHX يمكن تركيبه في مركز بيانات دون الحاجة إلى دمجه في البنية الأساسية.

ومن التطورات الأخرى، تجهيز مراكز البيانات بأجهزة استشعار مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمراقبة درجة الحرارة في “مناطق دقيقة” و”تحسين استهلاك المياه والكهرباء” بشكل استباقي، وفق بانكاج ساشديفا من “ماكينزي”. وقد طور مختبر مشرّف شودري خوارزميات لتقييم دقيق لكمية الكهرباء اللازمة لتشغيل كل شريحة، مما أدى إلى توفير يتراوح بين 20% و30%.

كما جرى إحراز تقدم في مجال المعالجات الدقيقة نفسها. ويشير بانكاج ساشديفا إلى أن “كل جيل من الشرائح يتمتع بكفاءة أكبر في استخدام الطاقة” مقارنة بالجيل السابق. وتوضح الأستاذة في جامعة بيردو، يي دينغ، أن فريقها أثبت أنه يمكن إطالة عمر أقوى شرائح الذكاء الاصطناعي، سواءً كانت وحدات معالجة الرسومات (GPUs) أو بطاقات الرسومات، “من دون التأثير على الأداء”. وتضيف “لكن من الصعب إقناع مصنعي أشباه الموصلات بخفض أرباحهم” من خلال تشجيع المستهلكين على استخدام المعدات نفسها لفترة أطول.

ويُخاض الصراع أيضًا في برمجة وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الكبيرة. ففي كانون الثاني/يناير، قدمت شركة “ديبسيك” الصينية نموذجها “ار 1” للذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يضاهي أداء الشركات الأميركية الكبرى على الرغم من تطويره باستخدام وحدات معالجة رسومية أقل قوة. وقد حقق مهندسو الشركة الناشئة ذلك جزئيًا من خلال برمجة بطاقات الرسومات بدقة أكبر، كما أنهم تخطوا بالكامل تقريبًا خطوة تدريب النموذج التي كانت تعتبر أساسية حتى ذلك الحين.

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الاختراقات التكنولوجية، “لن نتمكن من تقليل إجمالي استهلاك الطاقة، بسبب مفارقة جيفونز”، وفق يي دينغ. وبحسب الاقتصادي البريطاني ويليام ستانلي جيفونز (1835-1882)، فإن تحسين كفاءة استخدام مورد محدود يزيد الطلب تلقائيًا لأن تكلفته تنخفض. وتحذر يي دينغ من أن “استهلاك الطاقة سيستمر في الارتفاع” رغم كل الجهود المبذولة للحد منه، “ولكن ربما بوتيرة أبطأ”.

مشاركة المقال: