الأربعاء, 16 يوليو 2025 02:22 AM

استثمار إماراتي ضخم في ميناء طرطوس: هل يعيد سوريا إلى خريطة التجارة العالمية؟

استثمار إماراتي ضخم في ميناء طرطوس: هل يعيد سوريا إلى خريطة التجارة العالمية؟

وقعت الحكومة السورية اتفاقية استثمارية مع شركة "موانئ دبي العالمية" بقيمة 800 مليون دولار لتطوير وتوسيع ميناء طرطوس، بهدف تحويله إلى مركز لوجستي إقليمي هام.

الخبير الاقتصادي الدكتور سلمان ريا، الأكاديمي المتخصص في الشؤون البحرية، صرح لصحيفة "الحرية" بأن المشروع يتجاوز مجرد إعادة تأهيل الميناء وفقًا للمعايير الحديثة، بل يمثل توجهًا اقتصاديًا أعمق لإعادة صياغة موقع سوريا في التجارة الإقليمية والدولية، من خلال استغلال موقعها الجغرافي كأصل اقتصادي استراتيجي.

د. ريا: مرفأ طرطوس نقطة عبور ومنصة تجميع ومحور لتوزيع البضائع العابرة بين الخليج وآسيا وأوروبا

يرى الدكتور ريا أن ميناء طرطوس، الذي كان مهمشًا مقارنة بموانئ كبرى مثل حيفا وبورسعيد ومرسين، يدخل اليوم مرحلة جديدة لإعادة إنتاج وظيفته في سلاسل القيمة العالمية. فإعادة بنائه لا تقتصر على كونه منفذًا بحريًا، بل كنقطة عبور ومنصة تجميع ومحور لتوزيع البضائع بين الخليج وآسيا وأوروبا.

تعتمد الرؤية التشغيلية الجديدة على تحديث منظومة المناولة، وبناء مناطق صناعية وتجارية حرة، وتوفير بيئة داعمة للخدمات المرافقة ذات القيمة المضافة، ضمن بنية تحتية متكاملة تهدف إلى خفض تكلفة التجارة، ورفع الكفاءة اللوجستية، وزيادة القدرة التنافسية.

يسهم المشروع في توليد فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.. وفي تحفيز قطاعات النقل البحري والبري والخدمات اللوجستية والتأمين والتخليص الجمركي

ينظر الخبير الاقتصادي البحري إلى الاستثمار الإماراتي في ميناء طرطوس كجزء من رؤية اقتصادية تهدف إلى إعادة تفعيل دور سوريا كعمق جغرافي في شبكات التجارة الإقليمية. كما يندرج ضمن استراتيجية أوسع للإمارات للتموضع في مفاصل سلاسل الإمداد العالمية، متجاوزة الاعتماد التقليدي على الطاقة. ويمثل المشروع رهانًا على المستقبل، مع ما يحمله من مخاطر سياسية، ولكنه يعكس ثقة بإمكانية استعادة الاستقرار وتهيئة بيئة استثمارية تدريجية.

يُسهم المشروع في إعادة توزيع مراكز الجذب المرفئي في المنطقة.. ويمنح سوريا فرصة لاستعادة موقعها كبوابة طبيعية بين اليابسة العربية والبحر

من الناحية الاقتصادية، يتوقع د. ريا أن يسهم المشروع في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتحفيز قطاعات النقل البحري والبري، والخدمات اللوجستية، والتأمين، والتخليص الجمركي، بالإضافة إلى زيادة إيرادات الدولة من الرسوم والضرائب المرتبطة بالتجارة. كما أن المناطق الحرة الجديدة ستجذب الشركات الباحثة عن نوافذ لوجستية في شرق المتوسط، مما يعزز التجارة عبر الحدود ويحسن مناخ الأعمال.

على المستوى الاستراتيجي، يرى الخبير ريا أن المشروع سيعيد توزيع مراكز الجذب المرفئي في المنطقة، ويمنح سوريا فرصة لاستعادة موقعها كبوابة طبيعية بين اليابسة العربية والبحر. وإذا تم ربط الميناء بشبكات الطرق العابرة للحدود والموانئ الجافة الداخلية، فقد يتحول طرطوس إلى منصة عبور متكاملة. لكن نجاح المشروع يعتمد على الاستقرار السياسي، ومرونة البيئة التنظيمية، وفعالية البنية القانونية والإدارية.

تطوير ميناء طرطوس ليس مجرد تحديث للبنية التحتية.. بل هو خطوة في مسار أوسع لإعادة تعريف موقع سوريا الاقتصادي.. وتثبيت حضورها في معادلة التجارة العالمية

الاستثمار في المرافئ هو فعل جيو-اقتصادي يعيد صياغة الخرائط والمصالح. ويرى الخبير الاقتصادي البحري أن دخول موانئ دبي العالمية إلى طرطوس هو جزء من سباق إقليمي على النفوذ البحري. وفي المقابل، يمثل المشروع فرصة لسوريا لإعادة بناء نموذج اقتصادي أكثر انفتاحًا ومرونة، يتجاوز الاقتصاد الريعي ويؤسس لمرحلة إنتاجية قوامها التخصص والتكامل والربط الإقليمي.

ويرى الخبير ريا أن تطوير ميناء طرطوس ليس مجرد تحديث للبنية التحتية، بل هو خطوة في مسار أوسع لإعادة تعريف موقع سوريا الاقتصادي، وتثبيت حضورها في معادلة التجارة العالمية. وإذا ما أحسن استثماره، فقد يصبح أحد أعمدة النهوض الاقتصادي في مرحلة ما بعد الأزمة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: