الأربعاء, 16 يوليو 2025 02:19 AM

الإمارات تتربع على عرش الثروات السيادية: ثالث أغنى دولة عالميًا بأصول تتجاوز 2.4 تريليون دولار

الإمارات تتربع على عرش الثروات السيادية: ثالث أغنى دولة عالميًا بأصول تتجاوز 2.4 تريليون دولار

تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة مرموقة كقوة اقتصادية عالمية، مدعومة بصناديق ثروتها السيادية الضخمة، وعلى رأسها "جهاز أبوظبي للاستثمار" و"شركة مبادلة". هذه الصناديق تشكل ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.

وفقًا لتقرير مؤسسة SWF Global، احتلت الإمارات المرتبة الثالثة عالميًا والأولى إقليميًا من حيث حجم أصول صناديق الثروة السيادية، مسجلة نحو 2.49 تريليون دولار في نهاية النصف الأول من عام 2025. هذا الإنجاز يعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي رئيسي لإدارة الثروات.

ريادة إقليمية ووزن عالمي

أكد التقرير أن صناديق الثروة السيادية الإماراتية، وعلى رأسها "جهاز أبوظبي للاستثمار" و"شركة مبادلة"، تلعب دورًا حيويًا في استراتيجية الدولة الاقتصادية وجهود تنويع مصادر الدخل. وقد أظهرت هذه الصناديق أداءً استثماريًا متميزًا على مستوى العالم، مع التزامها بأعلى معايير الحوكمة والاستدامة.

في التصنيف العالمي، جاءت الإمارات بعد الولايات المتحدة (12.1 تريليون دولار) والصين (3.36 تريليونات دولار)، متفوقة على اليابان (2.28 تريليون)، والنرويج (1.9 تريليون)، وكندا (1.8 تريليون). كما استحوذت الصناديق الإماراتية على 42.2% من إجمالي أصول الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي بلغت 5.9 تريليونات دولار.

مبادلة… نشاط استثماري عالمي

احتلت "مبادلة" المرتبة الثانية عالميًا من حيث حجم النشاط الاستثماري خلال النصف الأول من عام 2025، بعدما استثمرت حوالي 9.6 مليارات دولار كرأسمال جديد، متفوقة على معظم الصناديق السيادية، ولم يسبقها سوى صندوق التقاعد الكندي (11.2 مليار دولار). من جانبه، استثمر "جهاز أبوظبي للاستثمار" نحو 4.5 مليارات دولار، مما يعكس الديناميكية العالية للصناديق الإماراتية وقدرتها على استغلال الفرص وتنويع محفظتها الاستثمارية عالميًا.

حوكمة واستدامة في الصدارة

لم يقتصر تميز هذه الصناديق على حجم الأصول أو النشاط الاستثماري، بل شمل أيضًا التزامها العميق بممارسات الحوكمة والاستثمار المسؤول. وقد صنف مؤشر GSR شركة "مبادلة" ضمن الفئة الثالثة عالميًا من حيث الحوكمة والاستدامة والمرونة لعام 2025، بعد أن سجلت أكثر من 92% في التقييم العام، وهو ما يعكس توجه الدولة لترسيخ مفاهيم الشفافية والمسؤولية البيئية والاجتماعية.

بنية استثمارية عابرة للحدود

في هذا السياق، يشير جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، في حديثه لـ"النهار" إلى أن وجود شركات عملاقة كانت في الأصل تابعة لحكومة الإمارات وتحولت لاحقًا إلى كيانات مملوكة للصناديق، منح هذه الأخيرة قوة اقتصادية هائلة. وقد وظفت الفوائض النفطية في استثمارات استراتيجية، أبرزها الذكاء الاصطناعي، بإشراف مباشر من قيادات بارزة مثل الشيخ طحنون بن زايد، مما يبرز التوجه التوسعي المدروس لهذه الصناديق.

ويضيف يرق أن توسع الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة، ولقاءات رفيعة المستوى مثل تلك التي جمعت مسؤولين إماراتيين بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يعكس الرغبة في ترسيخ حضور طويل الأمد في الأسواق العالمية وتحقيق عوائد مستقرة.

رؤية استراتيجية لمستقبل الأجيال

يرى يرق أن تغذية هذه الصناديق بالفوائض النفطية جعل منها لاعبًا محوريًا في النظام الاستثماري العالمي، ووسيلة استراتيجية لضمان مستقبل الأجيال القادمة. العديد من الشركات الحكومية باتت مملوكة كليًا أو جزئيًا لتلك الصناديق، مما عزز تكاملها مع الرؤية الوطنية طويلة المدى. كما أصبحت الإمارات وجهة مفضلة للبيوت الاستثمارية والعائلات الثرية، بفضل البيئة الضريبية المشجعة وغياب الضرائب المباشرة على الأرباح، مما يحفز على نقل الأعمال إلى الدولة.

ويتابع: "صناديق مثل "القابضة" (ADQ) و"استثمارات دبي" تؤدي أدوارًا حيوية في دعم الشركات الناشئة وتوسيع حضور الإمارات في الأسواق العالمية. كذلك نشهد ازديادًا في الطروحات الأولية (IPO) في الدولة، مما يعزز من سيولة الأسواق ونشاط القطاع الخاص".

الخليج يرسّخ موقعه في الاقتصاد العالمي

على المستوى الخليجي، أشار التقرير إلى أن صناديق مجلس التعاون الخليجي استحوذت على 36% من إجمالي الاستثمارات السيادية عالميًا في النصف الأول من 2025، مقارنة بـ32% في النصف الثاني من 2024. كما سجلت الصناديق الخليجية تحسنًا كبيرًا في مؤشر الحوكمة، إذ ارتفع متوسط التقييم من 32% في عام 2020 إلى 48% في عام 2025. وتصدر صندوق الاستثمارات العامة السعودي المؤشر محققًا نسبة 100%، إلى جانب "تيماسيك" السنغافوري وصندوق التقاعد النيوزيلندي.

استثمارات محلية… وتوسع عالمي

أبرز التقرير توجهًا متزايدًا لدى الصناديق الخليجية نحو موازنة الاستثمارات بين السوق المحلي والتوسع الخارجي، ضمن استراتيجية مزدوجة تهدف إلى تحفيز النمو الداخلي من جهة، واقتناص الفرص العالمية من جهة أخرى، لا سيّما في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والبنية التحتية.

ما تحققه الإمارات اليوم من إنجازات في مجال إدارة الصناديق السيادية يعكس رؤية طموحة في استثمار الثروة الوطنية، ويؤكد نجاح نموذجها الاقتصادي المبني على الكفاءة، التنويع، والحوكمة. وفي ظل تصاعد الدور الخليجي في الاقتصاد العالمي، تواصل الإمارات ترسيخ موقعها كمحور استراتيجي في حركة رؤوس الأموال والاستثمارات العابرة للحدود.

مشاركة المقال: