الأربعاء, 16 يوليو 2025 01:39 PM

أزمة السيولة الخانقة في سوريا: قيود السحب المصرفي تفاقم معاناة المواطنين وتنعش السوق السوداء

أزمة السيولة الخانقة في سوريا: قيود السحب المصرفي تفاقم معاناة المواطنين وتنعش السوق السوداء

بينما تحمل تصريحات الحاكم الأخيرة عن طباعة عملة جديدة وتسهيل السيولة بصيص أمل للبعض، يعبر آخرون عن يأسهم قائلين "من كبر الحجر ما ضرب.. يا سعادة الحاكم". تبقى الحاجة ماسة إلى حلول جذرية وإجراءات فعالة لضبط سعر الصرف، بدلاً من سياسة حبس السيولة التي حولت المودعين إلى متسولين أمام المصارف للحصول على مبلغ زهيد لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية.

الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي وصف الوضع الحالي من حبس للسيولة في المصارف السورية بأنه مظهر خطير للاختلال النقدي، ويكشف عن ضعف القطاع المصرفي المحلي في أداء دوره الأساسي بتوفير النقد. وأشار إلى أن المواطنين، بمن فيهم العاملون في القطاعين الصحي والأكاديمي، يعانون من صعوبة سحب رواتبهم، مما يؤثر سلباً على حياتهم اليومية ويزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.

وفي حديثه لـ"الوطن"، استنكر قوشجي تحديد سقف السحوبات للأطباء وأساتذة الجامعات بمبلغ 200 ألف ليرة سورية، معتبراً ذلك إهانة لكرامتهم في ظل حجز أموالهم في المصارف. وأوضح أن التقديرات تشير إلى حاجة السوق السورية اليومية إلى حوالي 120 مليار ليرة سورية لتلبية الطلب الطبيعي، بينما لا يتم ضخ سوى أقل من عشرة مليارات، وفقاً لتقارير إعلامية، مما يفسر الطوابير الطويلة أمام الصرافات والسقف المنخفض للسحب.

وأكد قوشجي أن السياسة الرسمية لتقييد السحب النقدي، والتي تهدف ظاهرياً إلى ضبط سعر الصرف وتقليل الطلب على الدولار ومنع التضخم، تؤدي في الواقع إلى تضعيف الثقة بالمصارف وتعزيز التعاملات في السوق السوداء، مما يزيد من التشوهات النقدية ويقلل من قدرة الدولة على إدارة الاقتصاد بكفاءة.

وشدد قوشجي على أنه قبل أي تطوير للجهاز المصرفي، يجب أولاً معالجة مشكلة أصحاب الدخل المحدود في سحب رواتبهم، مؤكداً أن هذه السحوبات لن تؤدي إلى زيادة سعر الصرف أو التضخم. واعتبر أن استمرار سياسة تقييد السيولة يشكل عائقاً أمام أي إصلاح نقدي أو مصرفي مستدام، ويهدد العدالة المالية والكرامة الاجتماعية.

وختم قوشجي حديثه بالتأكيد على أن إصلاح واقع السحب النقدي يجب أن يكون نقطة البداية لأي عملية تحديث للمصارف، لأن كسب ثقة المواطن يبدأ من احترام حقه في الوصول إلى ماله، قبل أي إجراءات تقنية أو هيكلية أخرى.

محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: