في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتنويع الاقتصاد تماشياً مع رؤية السعودية 2030، وافق مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على نظام جديد لتملك غير السعوديين للعقار. يمثل هذا النظام نقلة نوعية في التشريعات العقارية ويهدف إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق العقارية المحلية.
من المقرر أن يبدأ تطبيق النظام مطلع عام 2026، ويحمل معه أهدافاً استراتيجية تجمع بين التوازن المحلي والانفتاح الاستثماري.
يأتي هذا التعديل التشريعي في وقت يشهد فيه السوق العقاري السعودي نمواً ملحوظاً في الطلب المحلي والدولي. ووفقاً لوزير البلديات والإسكان، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار ماجد بن عبدالله الحقيل، فإن النظام الجديد يهدف إلى استقطاب المستثمرين وشركات التطوير العقاري مع الحفاظ على مصالح المواطنين من خلال ضوابط واضحة.
النظام الجديد يضع شروطاً تنظيمية دقيقة تراعي الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة. يسمح النظام للأجانب بتملك العقارات في مناطق جغرافية محددة، مثل مدينتي الرياض وجدة، في حين تخضع مكة والمدينة المنورة لاشتراطات خاصة تحافظ على مكانتهما الدينية.
تحظر الضوابط تملك غير السعوديين للعقارات في حدود مكة والمدينة، إلا في حالات محددة مثل الميراث أو الإيجار القصير الأجل. تتولى الهيئة العامة للعقار مسؤولية تحديد المناطق المشمولة وإصدار اللائحة التنفيذية خلال 180 يوماً من تاريخ نشر النظام.
عمار حسين، الشريك المساعد في قسم الأبحاث لدى "نايت فرانك" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يؤكد أن النظام الجديد يمثل محطة بارزة في مسار الانفتاح العقاري ضمن رؤية 2030، ويهدف إلى توسيع قاعدة المستثمرين الأجانب في السوق العقارية السعودية.
ويضيف أن النظام يتيح لغير السعوديين تملك العقارات ضمن نطاقات جغرافية محددة، على أن تتولى الهيئة العامة للعقار وضع الإطار التنظيمي الحاكم لذلك، بما يضمن استقرار السوق العقارية وتوافقها مع أولويات التنمية الوطنية، ودعماً للتوجه نحو جذب الاستثمارات الأجنبية، مع الحفاظ في الوقت ذاته على مصالح المواطنين السعوديين في مجال الإسكان.
في ما يتعلق بأنواع العقارات المشمولة بالنظام، يشير إلى أن النظام سيتيح تملك أنواع متعددة من الأصول العقارية، من ضمنها: العقارات السكنية، العقارات التجارية، وربما الأراضي الزراعية، وذلك ضمن ضوابط تعتمد على الموقع الجغرافي.
اعتباراً من كانون الثاني (يناير) 2026، سيتمكن المستثمرون الدوليون من دخول السوق العقارية السعودية ضمن المناطق المحددة، مما يُتوقع أن يُساهم في تعزيز السيولة داخل السوق، زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوسيع خيارات التملّك العقاري على مستوى المملكة.
يسعى النظام الجديد إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التنموية، في مقدمها تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة المعروض العقاري، ورفع كفاءة السوق، إلى جانب تسهيل دخول الشركات العالمية العاملة في القطاع العقاري.
يوضح عمار حسين أن النظام لا يقتصر على المستثمرين فحسب، بل يشمل أيضاً الأفراد من غير المستثمرين، من خلال آليات مثل "برنامج الإقامة المميزة" الذي يتيح الحصول على إقامة طويلة الأمد عند تملك عقار بقيمة لا تقل عن 4 ملايين ريال سعودي.
من المتوقع أن يُساهم النظام في رفع الطلب، خصوصاً في المدن الكبرى مثل الرياض، التي ستحتاج إلى أكثر من 305,000 وحدة سكنية بحلول عام 2034، بحسب تقديرات "نايت فرانك".
كما يُبرز اهتمام الأثرياء المسلمين عالمياً بالتملك في المملكة، خصوصاً في مكة والمدينة.
مع اقتراب صدور التفاصيل التنظيمية النهائية، تبدو المملكة ماضية في محاكاة تجارب إقليمية ناجحة مثل أبوظبي وسلطنة عُمان، من خلال إرساء نظام يسمح بالتملك الأجنبي في مناطق محددة، ضمن إطار استراتيجي يوازن بين جذب الاستثمار الأجنبي، والحفاظ على توفير الإسكان للمواطنين السعوديين.
يؤكد أن النظام الجديد سيتضمن قيوداً جغرافية مدروسة تراعي الخصوصيات الدينية والثقافية والتنظيمية في المملكة، حيث من المرجح أن تكون الرياض وجدة بين المناطق المتاحة للتملك، في حين ستُفرض قيود أو شروط خاصة على التملك في مكة والمدينة المنورة.
إسلام محمد - أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار