في ظل التزايد المطرد في الاعتماد على أدوية مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي"، يسعى العلماء في جميع أنحاء العالم إلى تطوير بدائل أكثر فعالية واستدامة لعلاج السمنة ومرض السكري من النوع الثاني.
وفي هذا السياق، تتجه الأبحاث نحو إيجاد حلول جذرية تعتمد على تقنيات تعديل الجينات، بهدف إحداث تغييرات دائمة داخل الجسم، مما يقلل الحاجة إلى العلاج الدوائي المتكرر.
كشفت دراسة حديثة أن تعديلًا جينيًا لمرة واحدة قد يسمح للجسم بإنتاج "أوزمبيك" طبيعي، الأمر الذي قد يغير الطريقة التي يُعالج بها السكري والسمنة.
في هذه الدراسة، استخدم فريق من الباحثين في اليابان تقنية CRISPR، المعروفة بتعديل الجينات، والتي تُستخدم بشكل شائع في معالجة السرطان. ومن خلال هذه التقنية، أدخل الفريق جيناً في خلايا كبد الفئران لإنتاج "إكسيناتيد" بشكل مستمر، وهو المكون الفعال في دواء "بايتا" الذي يعالج مرض السكري من النوع الثاني والسمنة.
يشترك "إكسيناتيد" في طريقة عمله مع أدوية مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي"، المستخدمة للتحكم في مستويات السكر في الدم.
بعد علاج واحد فقط، تمكن الباحثون من جعل الفئران المعدلة وراثيًا تنتج "إكسيناتيد" بشكل ذاتي لمدة تصل إلى 6 أشهر. وفي مرحلة لاحقة، تم تعريض هذه الفئران لنظام غذائي عالي السعرات الحرارية بهدف جعلها بدينة وإصابتها بمقدمات السكري، وهي مرحلة تمهيدية لمرض السكري من النوع الثاني.
أظهرت الفئران المعدلة وراثيًا، مقارنة بتلك غير المعدلة، انخفاضًا في استهلاك الطعام واكتسابًا أقل للوزن بنسبة 34%. كما استجابت بشكل أفضل للأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم مستويات السكر في الدم.
على الرغم من أن التعديل الجيني لم يسفر عن آثار جانبية ملحوظة، إلا أن الفئران التي تلقت العلاج كانت أقل عرضة لأعراض مثل الغثيان والتقيؤ وشلل المعدة، وهي أعراض شائعة لدى من يتناولون أدوية مثل "أوزمبيك".
على الرغم من أن تأثير هذه النتائج على البشر لا يزال غير مؤكد، يرى الباحثون أن هذه التجربة تمثل خطوة مهمة نحو تطوير علاجات دائمة لأمراض معقدة مثل السكري والسمنة، مع تقليل الاعتماد على الأدوية الدورية.
في الوقت الحالي، يتعين على الأشخاص الذين يتناولون أدوية مثل "أوزمبيك" أخذ جرعات منتظمة للحفاظ على مستويات السكر في الدم، وهو ما قد يصبح غير ضروري إذا تم اعتماد العلاج الجيني.
في هذا السياق، كتب معدو الدراسة، من جامعة أوساكا: "تشير هذه الدراسة إلى أن تعديل الجينوم يمكن أن يكون حلاً مبتكرًا للأمراض المعقدة، مما يقلل من الحاجة لتناول الأدوية بشكل متكرر".
يخطط الفريق لإجراء المزيد من الدراسات لاختبار فعالية هذا العلاج في معالجة حالات مثل داء السكري والالتهابات المزمنة، في خطوة قد تمهد لتطوير بدائل أكثر أمانًا وفعالية للأدوية القابلة للحقن.