الجمعة, 18 يوليو 2025 08:03 PM

من السويس إلى هرمز: كيف تهدد المضائق الاقتصاد العالمي؟

من السويس إلى هرمز: كيف تهدد المضائق الاقتصاد العالمي؟

صرح مسؤول أمريكي لوكالة رويترز بأن زوارق هجوم إيرانية سريعة تابعة للحرس الثوري الإيراني قد اقتربت من السفينة /يو.إس.إن.إس إينفينسيبل/ التابعة للبحرية الأمريكية بمسافة تقدر بحوالي ستمائة ياردة في مضيق هرمز.

أعادت الحرب بين إسرائيل وإيران إلى الأذهان حقيقة جيواقتصادية مفادها أن بضعة كيلومترات من الماء قادرة على زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي، مما أثار قلقًا حقيقيًا في أسواق النفط من احتمال إغلاق طهران لمضيق هرمز.

ذكرت مجلة لوبوان، في مقال بقلم شارل سرفاتي، أن الإيرانيين يهددون بشكل متكرر بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20% من نفط العالم، لكن درس قناة السويس يجب أن يثنيهم عن ذلك.

وأشارت الصحيفة إلى أن 20 مليون برميل من النفط تعبر يوميًا عبر هذا المضيق، وهو ما يمثل خُمس الاستهلاك العالمي من النفط. وقد ارتفع سعر برميل النفط بأكثر من 10% عندما انتشرت شائعات عن هجوم وشيك، وهددت إيران بإغلاق الممر الذي لا يتجاوز عرضه 50 كيلومترًا بين أراضيها وسلطنة عُمان.

على الرغم من تشكيك بعض الخبراء في قدرة القوات الإيرانية على إغلاق المضيق بشكل كامل، إلا أن قدرة الحوثيين من اليمن المجاورة، وهم أقل تسليحًا بكثير، على إغلاق شبه كامل للمدخل إلى البحر الأحمر، تشير إلى أن إيران قادرة على الحد من حركة المرور عبر هرمز.

يتميز هرمز بكونه المنفذ الوحيد للنفط والغاز الطبيعي المسال من الخليج العربي، على الرغم من أن السعودية تمتلك خط أنابيب يمتد من الخليج إلى البحر الأحمر، إلا أن الموانئ على ساحلها الغربي غير مصممة لنقل مثل هذه الكميات. وبالتالي، فإن إغلاق مضيق هرمز سيحرم العالم من حوالي 20% من إمداداته النفطية، حتى في حال تفعيل الحقول الأميركية.

ذكّرت المجلة بإغلاق مصر لقناة السويس لمدة 9 سنوات بعد حرب عام 1967، في إطار المواجهة مع إسرائيل والضغط على المجتمع الدولي. وعلى الرغم من أن ذلك كان من المتوقع أن يتسبب في زلزال في الأسواق، إلا أن المفاجأة كانت أن سعر البرميل ارتفع بنسبة 2% فقط، ولأن النفط كان رخيصًا، فإن الإبحار حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح لم يضر أحدًا.

اختتم الجيش الإيراني اليوم مناورات بحرية وبرية وجوية تحت اسم "ذو الفقار 1400" في منطقة تمتد بين مضيق هرمز إلى شمال المحيط الهندي مرورًا ببحر عمان.

لم يكن الممولون هم الضحايا، بل الدول، إذ يقال إن إسرائيل والأردن وسوريا، وكذلك باكستان والهند، قد خسرت ما يعادل 5 إلى 10% من ناتجها المحلي الإجمالي بسبب انخفاض التجارة الناجم عن هذا الإغلاق، فانهارت تجارتها، مما تسبب في تباطؤ نموها حتى أعيد فتح قناة السويس عام 1975، ولم تتأثر أوروبا إلا قليلاً.

ومن المفارقات، حسب المجلة، أن الضحية الرئيسية لهذا الحصار كانت مصر ذاتها التي حُرمت من عائدات القناة، وظهرت آثار الحصار على تجارتها، وبالتالي فشلت في استقطاب دعم المجتمع الدولي ضد منافستها.

تجد إيران نفسها اليوم في وضع مختلف تمامًا عن وضع مصر عام 1967، وإن بدا مشابهًا له نظريًا، لأن إغلاق مضيق هرمز سيكون بمثابة انتحار اقتصادي وجيوسياسي، إذ تسحب الصين دعمها وتصبح مجبرة على البحث عن إمدادات أخرى أكثر تكلفة، كما ستتحد ضد طهران قوى الخليج الأخرى المحرومة من منافذها.

وعلى هذا الأساس سينهار الاقتصاد الإيراني المعتمد على المضيق وصادراته من الطاقة، وذلك ما يفسر قبولَ طهران في النهاية للهدنة التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واكتفاءها بالتفاخر العلني، رغم أنها اضطرت إلى التراجع.

ومن المفارقات، وفق المجلة، أن الحوثيين اليمنيين، الأقل ثراءً من إيران، ما فتئوا يكررون نهج مصر منذ عدة أشهر، وقد أدت هجماتهم بالطائرات المسيرة وقرصنتهم إلى تقليص حركة الملاحة عبر مضيق باب المندب بنسبة 70%، مما أجبر التجارة العالمية على الالتفاف حول أفريقيا مرة أخرى.

مشاركة المقال: