تعيش القاعدة الروسية الجوية في حميميم بريف اللاذقية تحت ظروف استثنائية، بعد هجوم نفذه مقاتلون متشددون حاولوا اختراق القاعدة، مما أسفر عن مقتل شخصين قبل أن تتمكن القوات الروسية من قتل ثلاثة مهاجمين وفرار آخرين. يتزامن هذا مع تمسك موسكو برفضها لوجود المقاتلين الأجانب في سوريا، وسط تحذيرات من التهديد الذي يمثلونه.
سبق الهجوم، الذي وقع الثلاثاء الماضي وتزامن مع انفجارات عنيفة، تكثيف لتحليق الطائرات المسيرة واستنفار من القوات الروسية، حسب مصادر من محيط حميميم. ترافقت هذه التحركات مع حملة إعلامية مستمرة ضد القاعدة التي تستضيف سوريين فروا من المجازر الطائفية.
أفادت مصادر عن إطلاق نار غزير واشتباكات عنيفة في محيط القاعدة، تبين بنهايتها أن مسلحين، يُرجح أنهم غير سوريين، حاولوا اختراق القاعدة. سرّبت وسائل إعلام روسية أنباء عن مقتل شخصين، وسط تضارب حول جنسيتهما، حيث أشارت مصادر إلى أنهما جنديان روسيان، بينما ذكرت أخرى أن أحدهما سوري متعاقد مع القاعدة.
قد يكشف الصمت الرسمي الروسي غير المعتاد عن سياسة موسكو الحالية في سوريا، والتي تهدف إلى ضمان استمرار وجودها في قاعدتي حميميم وطرطوس، في ظل مساعي أوروبية لإخراجها منهما، في سياق الصراع الروسي الأوروبي. تجاهلت السلطات الانتقالية السورية ما جرى، لكنها استقدمت تعزيزات أمنية إلى الساحل ونظمت استعراضًا لقواتها.
تزامن ذلك مع تسريب أنباء حول خطة من السلطات الانتقالية وتركيا لضبط الفصائل "غير المنضبطة" التي رفضت الانضمام إلى هيكلية وزارة الدفاع، بعد إنذار من وزير الدفاع.
تمثل التسريبات المستمرة حول الاستعداد لمواجهة الفصائل غير المنضبطة رسالة غير مباشرة إلى روسيا والولايات المتحدة، التي اشترطت إبعاد الفصائل الأجنبية للانفتاح على السلطة الانتقالية. سلوك هذه الفصائل يكشف عن احتمالين: إما عدم قدرة السلطات الانتقالية على ضبطها، أو أن "الفوضى والانفلات الأمني" جزء من سياسة تهدف إلى امتصاص "شبق الفصائل للقتل" وتوجيهه ضد أهداف محددة، على رأسها روسيا.
في اليوم نفسه الذي تعرّضت فيه القاعدة للهجوم، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن قلق بلاده البالغ إزاء الأوضاع في سوريا، مشيراً إلى أن "جماعات مسلحة متطرفة تقوم بقتل الناس على أساس خلفياتهم العرقية والدينية" وترتكب "أعمال تطهير عرقي حقيقية وإعدامات جماعية".
شنّ لافروف هجوماً على القوى الغربية التي اتهمها بتجاهل الجرائم ما دامت لا تتعارض مع خططها العالمية.
بالنتيجة، يدعم الموقف الروسي الرسمي بناء علاقات مع السلطات الانتقالية، ويرفض الانفلات الأمني والقتل على خلفية طائفية. كما شدّدت موسكو على "توفير العدالة لكل الطوائف السورية" و"حل مسألة المقاتلين الأجانب"، في ظل حالة "هشة" تتطلب "معالجة ملحّة لحالة الاستقطاب المتزايد".