الأربعاء, 4 يونيو 2025 03:41 AM

مصر تنتقد التعنت الأمريكي والإسرائيلي تجاه رد حماس وتعتبره "مرونة قابلة للبناء"

مصر تنتقد التعنت الأمريكي والإسرائيلي تجاه رد حماس وتعتبره "مرونة قابلة للبناء"

القاهرة | في الوقت الذي عبّرت فيه الإدارة الأميركية بوضوح عن رفضها للتعديلات التي طلبت حركة «حماس» إدخالها على بنود مقترح المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتبنّى القاهرة موقفاً تعدّه «أكثر مرونة»، طبقاً لما نقلته مصادر مطّلعة إلى «الأخبار» عن مسؤولين مصريين.

وبحسب رؤية هؤلاء، فإن الرفض الأميركي «ليس مبرّراً بالشكل الذي يتمّ ترويجه»؛ إذ لا يتضمّن مقترح الحركة «أي مفاجآت، بل يستند إلى تفاهمات سابقة، أبرزها اتفاق كانون الثاني الماضي، الأمر الذي يجعل الاعتراض عليه أقرب إلى خلاف على التوقيت وترتيب الأولويات، وليس حول مضمونه».

وترى القاهرة أن المقترح المطروح «قابل للتطبيق، ولا سيّما أنه يتّسق مع الوقائع الميدانية، ومع طبيعة الهواجس التي تبديها المقاومة، بما فيها الخشية من أن يؤدّي الإفراج الفوري عن المحتجزين الإسرائيليين إلى استئناف القتال قبل إتمام الانسحاب الإسرائيلي الكامل».

ويعتبر المسؤولون المصريون تلك المخاوف «منطقية في ظل انعدام الضمانات الجادّة التي تحول دون تكرار سيناريوات انهيار الهدن المؤقتة»، لافتين إلى أن «الطلب الوارد في المقترح بشأن الانسحاب الإسرائيلي من غزة ليس شرطاً جديداً، بل تم إدراجه ضمن التفاهمات السابقة، التي شاركت فيها القاهرة، وحظيت بموافقة دولية، بما فيها أميركية، باعتباره جزءاً أساسياً من أي اتفاق شامل».

ولذلك، تعتبر القاهرة أن تراجع واشنطن عن تبنّي هذا البند، أو غضّ الطرف عنه «لا يخدم مسار التهدئة، بل يمنح تل أبيب مساحة إضافية للاستمرار في التصعيد، وتوسيع رقعة الدمار في القطاع، بذريعة أن الطرف الآخر «يراوغ» أو «يماطل»»، الأمر الذي تعدّه «انحرافاً خطيراً عن منطق التفاوض الذي يحتاج إلى مرونة، من شأنه أن يحوّل المحتجزين أنفسهم إلى ضحايا في ظل استمرار الحصار الإنساني والدمار المستمر».

وفي الوقت نفسه، لا تُخفي القاهرة قلقها من تداعيات الرفض الأميركي على فرص التوصّل إلى اتفاق دائم، خصوصاً في ما يتعلّق بإضعاف جهود الأطراف الوسيطة، وانعكاس ذلك سلباً على ثقة الفلسطينيين بأي جهود دولية مستقبلية.

وإلى جانب ما تقدّم، تختلف القاهرة مع بعض العواصم الخليجية في تقييم ردّ «حماس»؛ إذ ترى تلك العواصم فيه «مبالغة في الشروط، ومحاولة للهروب إلى الأمام بصورة المنتصر رغم الكلفة الإنسانية والميدانية الكبيرة»، الأمر الذي لا تتبنّاه مصر بالكامل، بل تعتبر أن «الحركة قدّمت في ردّها تنازلات لا يُستهان بها، سواء في ما يتعلّق بجدولة الإفراج عن الرهائن، أو القبول بمفاوضات حول ترتيبات اليوم التالي، وصولاً إلى فتح الباب أمام طرف ثالث لإدارة القطاع، وهو ما لم تكن تقبل به سابقاً بهذه الصيغة»، في وقت «لا تبرّر فيه القاهرة كل مواقف حماس»، كما يقول مسؤولوها.

غير أن «مرونة» الحركة تلك، بحسب المسؤولين المصريين، تمثّل «نضجاً سياسياً يمكن البناء عليه، شريطة أن تكون هناك ضمانات حقيقية تُخرج المسار التفاوضي من المراوحة»، وفقاً للمسؤولين المصريين. أما الحديث عن «نزع سلاح المقاومة في الظرف الحالي، وسط غياب أي أفق سياسي لعملية متكاملة تنتهي بإعلان الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال»، فتراه القاهرة «نوعاً من الضغط غير الواقعي، بل وقد يكون مدمّراً على المدى الطويل لأنه يُفقد الفلسطينيين أي أداة تفاوضية».

ومن هذا المنطلق، تدعو القاهرة إلى «قراءة المشهد برؤية أكثر اتزاناً، تُراعي الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع، والخطورة الكامنة في إطالة أمد المواجهة، ما يفاقم المعاناة بشكل لا يمكن احتواؤه لاحقاً»، مشدّدةً على «ضرورة توفير إرادة سياسية حقيقية تضمن تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، لا الاكتفاء بإغراق المفاوضات في تفاصيل قد تتحوّل إلى ذرائع لتقويض أي اتفاق، واستخدام الملف الإنساني كورقة ضغط أو مساومة».

وتصف القاهرة مقاربتها بـ«الواقعية»، نظراً إلى أنها «تمزج بين التحدّيات الميدانية والمطالب السياسية، من دون السقوط في فخّ الانحياز الكامل إلى أيّ من الأطراف»، لافتةً إلى أن «الحسم العسكري ليس حلاً، بل لا بدّ من اتفاق شامل يعالج جذور الأزمة، لا نتائجها فقط». ويأتي هذا فيما تحذّر القاهرة في اجتماعاتها مع الأطراف الإقليمية والدولية من «العودة إلى لغة الرفض القاطع الذي لا يخدم الواقع، بل يُعيد الأمور إلى نقطة الصفر».

وفي ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي، ترى القاهرة أن أي مقترح لا يأخذ في الاعتبار الكارثة الإنسانية على الأرض، ولا يتعهّد بتوفير الحد الأدنى من الحماية للمدنيين، سيفشل في فرض نفسه، مهما كان مدعوماً دولياً. أما المطلوب الآن فهو «الاعتراف بتعقيدات الواقع، والعمل على تجاوزها بحكمة، لا القفز فوقها بشعارات الحرب على «الإرهاب» أو فرض «الأمن»».

مشاركة المقال: