الإثنين, 26 مايو 2025 04:49 AM

لماذا يغيب الرئيس التونسي عن القمم العربية؟ بين الأولويات الداخلية والتحفظات السياسية

لماذا يغيب الرئيس التونسي عن القمم العربية؟ بين الأولويات الداخلية والتحفظات السياسية

تشهد القمم العربية الأخيرة غياب الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي أوكل مهمة تمثيل بلاده إلى وزير خارجيته. فلم يشارك سعيّد في قمة بغداد التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي، وكلّف وزير الخارجية محمد علي النفطي بتمثيل تونس فيها، كما غاب عن القمة الطارئة التي عُقدت في مصر في آذار/مارس الماضي، لمناقشة تطورات الحرب في غزة.

لم تُعلن تونس عن أسباب غياب سعيّد عن هذه القمم، وكانت آخر قمة عربية حضرها هي قمة “لمّ الشمل” التي عُقدت في الجزائر. ويُثير تكرار غياب الرئيس التونسي عن أغلب القمم العربية، وحتى عن مؤتمرات إقليمية أخرى، العديد من التساؤلات بشأن الدوافع الكامنة وراء ذلك.

يرى البعض أن عدم مشاركة سعيّد في بعض القمم والمؤتمرات لا يعني غياب تونس عنها. فبحسب هؤلاء، لم تتخلف تونس عن أي قمة عربية أو مؤتمر دولي دُعيت إليه، إذ كانت دوماً ممثّلة بوفود رسمية رفيعة المستوى. ويقول المحلل السياسي إبراهيم الغربي إن “الرئيس سعيّد أصبح يختار المناسبات التي يراها ذات أولوية لبلاده، لا سيما على المستوى الاقتصادي”. ومنذ تولّيه الرئاسة عام 2019، لم يُجرِ سعيّد زيارات خارجية كثيرة، ويُعدّ من أقلّ الرؤساء سفراً خارج تونس منذ عام 2011.

معارضو سعيّد لا يفوّتون مناسبة لعدم مشاركته في حدث دولي، دون الحديث عما يصفونه بـ”العزلة” التي يعيشها. وبرأيهم، فإن السياسات التي ينتهجها الرئيس التونسي لا تحظى بقبول واسع خارجياً، ما انعكس بروداً في علاقات تونس بالعديد من الدول، وابتعاداً عن المحافل الدولية.

غير أن الغربي يؤكد أن سعيّد على تواصل دائم مع الخارج، مشيراً إلى زيارات وفود رفيعة المستوى لقصر قرطاج، واستمرار التواصل بين الرئيس التونسي وعدد من القادة والرؤساء، معتبراً أن “الحديث عن عزلة ليس صائباً”.

من جهة أخرى، يرى البعض أن غياب سعيّد يعود إلى خياره بتكريس جهوده لمتابعة الشأن المحلي. ويقول المحلل السياسي بسام حمدي إن كثرة الالتزامات الداخلية واهتمام الرئيس بالملفات الوطنية قد تكون من أسباب تغيّبه عن القمم.

ويضيف: “الكل يدرك حجم التحديات التي تواجهها تونس في الوقت الراهن، وكثرة الملفات الشائكة في مختلف القطاعات، في وقت يرى فيه قطاع واسع من التونسيين أن الرئيس وحده قادر على معالجتها”.

في المقابل، يرى آخرون أن غياب سعيّد لا يخلو من أبعاد سياسية، ويعود إلى “تحفظات” لديه على بعض مخرجات القمم التي لا تتماشى مع رؤيته، لا سيما في ما يخص القضية الفلسطينية.

ويؤكد حمدي أن موقف تونس في المؤتمرات الدولية واضح وثابت بشأن القضية الفلسطينية والحرب على غزة، ما يعكس انسجاماً مع رؤية تقليدية تبنّتها تونس تاريخياً تجاه الصراع. وقد دأبت تونس على تسجيل تحفّظات على فقرات في بعض البيانات الختامية، خصوصاً تلك المتعلقة بـ”حلّ الدولتين”، مع حرصها الدائم على تثبيت موقفها دون الخروج عن الإجماع العربي، وفق تعبير حمدي، الذي يشدد على أن “ذلك لا يعني عزلة أو رفضاً جماعياً، بل تمسّكاً برؤية مبدئية”.

مشاركة المقال: