كشف وزير المالية السوري محمد يسر برنية عن ملامح السياسة الاقتصادية الجديدة للحكومة، مؤكدًا أنها ترتكز على الاستثمار وخلق الفرص المناسبة للشركات الخاصة، بهدف دفع عجلة التعافي الاقتصادي بدلًا من الاعتماد الكلي على الدعم الحكومي المباشر للمواطنين.
في مقابلة مع "الشرق" على هامش اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في الجزائر، أوضح برنية أن الدعم لن يُلغى بالكامل، بل سيُخصص للفئات الأكثر احتياجًا، مع التركيز على توفير الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم والشؤون الاجتماعية.
وأشار إلى أن الحكومة بدأت مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادي، تقوم على إعادة هيكلة الدعم الحكومي ليصبح موجهًا ومستهدفًا للفئات المستحقة عبر آليات حماية اجتماعية مدروسة.
المستشار المالي والاقتصادي السوري سعود الرحبي، وفي حديث لموقع حلب اليوم، وصف قرار الحكومة بإلغاء الدعم التقليدي بأنه يحمل "إيجابيات وسلبيات"، مؤكدًا أن هذه الخطوة "ضرورية للاستقرار المالي وكفاءة الاقتصاد على المدى الطويل، ولكنها تتطلب تخطيطًا دقيقًا".
وعن الإيجابيات المحتملة، ذكر الرحبي ترشيد الإنفاق العام، وتوجيه الأموال نحو الاستثمارات المنتجة والخدمات الأساسية، وتقليل الهدر والفساد، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتحفيز الإنتاج المحلي.
أما السلبيات والتحديات، فتتمثل في تأثير القرار على ذوي الدخل المحدود نتيجة ارتفاع الأسعار، وارتفاع معدلات التضخم، واحتمال حدوث سخط اجتماعي في حال عدم توفير شبكات أمان اجتماعي بديلة وشفافة.
يجري العمل حاليًا على إعداد الميزانية التكميلية للعام الحالي وميزانية عام 2026، لكن برنية لم يكشف عن أرقام الميزانية لعدم توفر البيانات.
وفيما يتعلق بشطب ديون سوريا لصندوق النقد الدولي وإمكانية الاقتراض مجددًا، أكد الوزير عدم وجود توجه للاقتراض حاليًا من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية، مشيرًا إلى أن التركيز ينصب على تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار وتمكين القطاع الخاص من قيادة الاقتصاد.
وأكد أن سوريا تضع برامج الإصلاح وتشرف عليها، مع الاستفادة من الخبرات الفنية للمؤسسات الدولية ومساعدة الدول العربية الشقيقة، وتسعى لخلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتوفير الظروف المواتية للقطاع الخاص لقيادة الاقتصاد.
وشدد الوزير على أن رفع العقوبات سينعكس إيجابًا على الاقتصاد والأوضاع المالية للدولة، ويتيح الفرصة لإعادة بناء المؤسسات والنهوض بالخدمات الأساسية وتحسين البنى التحتية واستقطاب المعرفة والتكنولوجيا، مثمنًا دور الدول التي ساهمت في رفع العقوبات.
وتسعى الدولة لاستغلال رفع العقوبات وتقوم بخطوات لإعادة ربط البنوك السورية بالنظام المصرفي العالمي، مؤكدة انفتاحها على المؤسسات المالية الدولية والإقليمية وحرصها على الاستفادة من خبراتها ومساعداتها الفنية.
وتحدث الرحبي عن أهمية دخول سوريا لنظام التحويلات العالمي (SWIFT) لتسهيل التجارة الدولية، وتمكين الشركات والبنوك من إرسال واستقبال المدفوعات بأمان، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وإعادة دمج الاقتصاد السوري في النظام المالي العالمي.
كما أشار إلى تسهيل التحويلات المالية الشخصية، وخفض تكاليف المعاملات المالية، وتحسين الشفافية المالية، ودعم جهود إعادة الإعمار.
ويرى الخبير الاقتصادي أن استعادة الوصول إلى SWIFT ستكون خطوة أساسية نحو تطبيع الوضع الاقتصادي لسوريا وإنعاش قطاعها المالي والتجاري.
وكان برنية قد دعا المستثمرين من كافة دول العالم إلى استغلال الفرص الواعدة في كافة القطاعات بسوريا، بعد قرار واشنطن رفع العقوبات.