أُنشئت المؤسسة العامة لنقل الركاب في سوريا مؤخراً بهدف تنظيم وتطوير قطاع النقل الداخلي، بعد التدهور الكبير الذي أصاب البنية التحتية لهذا القطاع خلال سنوات الحرب، والتي أدت إلى تراجع كبير في مستوى خدمات النقل الجماعي.
تعمل المؤسسة المحدثة تحت إشراف وزارة النقل، وتتولى إدارة وتحديث خدمات النقل داخل المدن، بما يشمل تشغيل الحافلات العامة، وتنظيم تعرفة الركوب، ومراقبة مختلف وسائل النقل المأجور.
مهام إشرافية وتنظيمية شاملة
تشرف المؤسسة العامة لنقل الركاب على جميع مكونات النقل الداخلي، بما في ذلك الباصات، والميكرو باصات، والسرافيس، وسيارات الأجرة، ومكاتب تأجيرها، وشركات النقل بين المحافظات "البولمان"، ومراكز الانطلاق، وفق مدير عام المؤسسة عمر قطان الذي بين أن دور المؤسسة يأتي في إطار إستراتيجية وطنية شاملة، تهدف إلى إعادة بناء قطاع النقل كخدمة أساسية تمس الحياة اليومية للمواطنين.
جرد أسطول النقل وإعادة التأهيل
خلال لقاء خاص مع وكالة سانا، كشف قطان أن المؤسسة بدأت فور تأسيسها بعد التحرير بجرد شامل لأسطول الحافلات في سوريا، وتبين أن عدد الباصات في دمشق بلغ 1304 حافلات، منها 75 فقط قيد التشغيل، و35 باصاً حديثاً دخلت الخدمة بعد عام 2020، في حين أن البقية متوقفة بسبب أعطال ونقص حاد في قطع التبديل.
وأضاف قطان: إن نسبة الباصات المتوقفة تتجاوز الـ 80 بالمئة من إجمالي الأسطول العامل ضمن الشركة العامة للنقل الداخلي في دمشق، ما يشكل تحدياً كبيراً لجهود التشغيل.
وأوضح قطان أن المؤسسة عملت منذ اللحظة الأولى على إعادة تأهيل الحافلات المتوقفة، باستخدام الإمكانيات المتاحة من قطع الغيار، مشيراً إلى أنه تم وضع خطة لتجهيز 200 باص للعمل على خمسة خطوط رئيسية في دمشق، مع خطة توسع مستقبلية لتشمل جميع الخطوط داخل دمشق.
كما تم إطلاق دراسة شاملة لخطوط النقل في العاصمة، بهدف تحديد الأولويات وتوزيع الباصات بناء على الحاجة والتواتر السكاني، لضمان عدالة التوزيع وفعالية التشغيل.
دعم خارجي… 50 باصاً حديثاً من بيلاروسيا
ضمن مساعي المؤسسة لتحديث الأسطول، تسلمت سوريا وفق قطان 50 حافلة حديثة كهدية من جمهورية بيلاروسيا في أيار الماضي، وجرى توزيعها على أربع محافظات رئيسية: دمشق 22 حافلة وحلب 10 وحمص 10 واللاذقية 8 حافلات، لافتاً إلى أن بعض هذه الحافلات تتميز بسعة 30 راكباً، مع ثلاثة أبواب لتسهيل صعود الركاب، وتضم تجهيزات لخدمة ذوي الإعاقة، وتم تشغيلها على خطوط رئيسية في دمشق، من بينها خط مساكن برزة – شارع الثورة وخط مخيم اليرموك – الحميدية وخط مزة – مساكن برزة مروراً بالبرامكة، مقدماً الشكر لجمهورية بيلاروسيا على هذه الهدية التي تسهم في تعزيز منظومة النقل الداخلي في المحافظات.
تعديل التعرفة لتحقيق التوازن
وسعياً من المؤسسة لتحقيق التوازن بين تكاليف التشغيل وقدرة المواطن، بين قطان أنه تم تحديد تعرفة النقل الداخلي بـ 2000 ليرة سورية للرحلة الواحدة في جميع المحافظات، كما تم اعتماد تعرفة مدعومة بـ 1000 ليرة سورية على ثلاثة خطوط في دمشق مخصصة لدعم طلاب الجامعات خلال فترة الامتحانات.
وأكد قطان أنه سيتم قريباً إصدار تعرفة جديدة لجميع أنواع وسائل النقل، داخل المدن وبين المحافظات، بما يتناسب مع التغيرات في أسعار الوقود والخدمات، داعياً المواطنين إلى تقديم الشكاوى في حال وجود مخالفات من السائقين لعدم الالتزام بالتعرفة الرسمية.
رؤية مستقبلية للنقل المستدام
بين مدير المؤسسة العامة لنقل الركاب أن هناك توجهاً واضحاً نحو تحديث منظومة النقل بشكل مستدام، عبر استيراد باصات حديثة تعمل على الكهرباء، بالتوازي مع تجهيز البنية التحتية اللازمة لشحنها وتشغيلها، وذلك ضمن خطة وطنية للتحول نحو طاقة نظيفة ومستدامة في قطاع النقل.
وأكد قطان أن المؤسسة تعمل على تفعيل خطوط النقل التي كانت عاملة قبل عام 2011، وخصوصاً في دمشق، نظراً للكثافة السكانية العالية في العاصمة، كمرحلة أولى لإعادة إحياء شبكة النقل القديمة بكفاءة حديثة.
دعم حكومي واستثمار في البنية التحتية
في ختام تصريحه، شدد قطان على أن الدولة تعتبر قطاع النقل من القطاعات الخدمية الإستراتيجية، وتعمل على دعم الاستثمار فيه، وفتح المجال أمام شراكات جديدة مع القطاع الخاص، بما يسهم في النهوض بالقطاع، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، لذا تعد المؤسسة العامة لنقل الركاب خطوة محورية في مسار إعادة إعمار سوريا على الصعيد الخدمي، إذ تسهم في معالجة أحد أكثر الملفات حساسية وتأثيراً على حياة المواطنين اليومية، وهي تسعى بخطط واضحة ودعم حكومي إلى بناء منظومة نقل داخلي حديثة وآمنة وشاملة.