الأحد, 8 يونيو 2025 07:53 PM

بين النووي والاقتصاد: هل تنجح مفاوضات إيران وأمريكا في تحقيق توازن إقليمي جديد؟

بين النووي والاقتصاد: هل تنجح مفاوضات إيران وأمريكا في تحقيق توازن إقليمي جديد؟

سلام طرابلسي: رغم جولات المحادثات الخمس بين واشنطن وطهران للوصول إلى اتفاق نووي جديد، يستمر التصعيد الكلامي مع إصرار إيران على حقها في التخصيب.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يجدد موقفه الحاسم: "لن نسمح لإيران بأي تخصيب لليورانيوم. إذا خصبوا اليورانيوم، فسنضطر إلى اللجوء لطريقة أخرى"، في إشارة إلى ضربة عسكرية محتملة.

يأتي ذلك رغم تقارير تفيد بأن الاتفاق المقترح من واشنطن سيسمح لطهران بالتخصيب بمستويات منخفضة ولفترة محدودة، وفقًا لموقع "أكسيوس".

في المقابل، تتمسك طهران بموقفها: "لن نتنازل عن حقوقنا المشروعة في تخصيب اليورانيوم"، مما يزيد التكهنات حول مصير المحادثات.

الباحث في الشؤون الإيرانية الدكتور خالد الحاج يرى أن التصعيد الكلامي مؤشر على دخول مرحلة جديدة من التفاوض النووي تختلف عن اتفاق 2015، حيث تغيرت موازين القوى وتورط اللاعبون الإقليميون والدوليون بشكل أكبر.

ويضيف أن ميزان التفاوض يميل لصالح إيران، التي تستفيد من تعقيدات الملف الروسي الأوكراني والصدمات الاقتصادية التي أحدثها ترامب.

الحاج يعتبر أن إيران فهمت موقعها الجديد وبدأت "تتدلل سياسياً"، وهو ما ظهر في انسحاب واشنطن من التنسيق العسكري مع إسرائيل ووقف الإعداد لعقوبات اقتصادية جديدة.

ويتابع أن التوازن بين ضغوط واشنطن وحاجة ترامب لإنجاز خارجي أتاح لإيران رفع سقف مطالبها في المفاوضات، مع التلويح بتقديم تسهيلات للشركات الأميركية مقابل اتفاق.

وبحسب الحاج، فإن هذه المعادلة - تشدد نووي مقابل انفتاح اقتصادي - تمنح طهران اليد الأقوى في التفاوض، رغم أن المحادثات لم تسفر عن نتائج ملموسة ظاهريًا.

ويوضح أن المسألة ليست تقنية فحسب، بل هي ميدان جيوسياسي واسع، حيث تراهن طهران على علاقاتها مع موسكو وبكين، وتمد يدها اقتصاديًا إلى أوروبا عبر الصين.

في المقابل، يذكر الحاج بأن ترامب يعاني من ضغوط داخلية، وتدرك إيران أن أي اتفاق نووي يرفع العقوبات سيمثل انتصارًا سياسيًا لإدارته.

ويشير إلى أن طهران خسرت أوراقًا استراتيجية في سوريا ولبنان وغزة واليمن، لكنها تسعى لتعويض ذلك عبر المفاوضات.

ويمضي قائلاً إن إيران تسعى لضمانات قابلة للقياس، إما عبر رفع سريع للعقوبات أو عبر اتفاقيات استثمار تضمن لها انتعاشًا اقتصاديًا سريعًا.

ويؤكد الحاج أننا أمام مفاوضات غير تقليدية هي معركة جيوسياسية اقتصادية على النفوذ، حيث تراهن إيران على سياسة النفس الطويل ورفع السقف النووي.

ويختم بالقول إن المنطقة ستشهد بعد أي اتفاق شامل حقبة من الصراعات الاقتصادية المباشرة، وولادة جبهة لا تقل تعقيدًا عما شهدته العقود السابقة.

وبين طموحات رفع السقف النووي وضغوط الحصار الاقتصادي تتقاطع مصالح متعددة في ميدان المحادثات النووية. فهل تكون هذه المفاوضات مفتاحاً لحقبة جديدة من الاستقرار والتوازن أم مجرد مقدّمة لجولة جديدة من الصراعات التي تلوح في أفق المنطقة؟

مشاركة المقال: